للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إنّ أهلَ هذَيْن السَّهْمَيْن يَسْتَحِقُّونَهما بمعنى العُدْمِ، وقد يَكُونُ السّائلُ بين مَنْ يَقِلُّ مُعْطِيهم، وصالحٌ مُتَعَفِّفٌ بين مَنْ (١) يَبْدَؤونه بعَطِيَّتِهم (٢).

(١٩٦١) قال الشافعي: فإنْ كان رجلٌ جَلْدٌ، يَعْلَمُ الوالي أنّه صحيحٌ مُكْتَسِبٌ يُغْنِي عِيالَه، أو لا عِيالَ له يُغْنِي نَفْسَه بكَسْبِه .. لم يُعْطِه، فإنْ قال الجَلْدُ: لسْتُ مُكْتَسِبًا لِما يُغْنِينِي، أو لا يُغْنِي عِيالي ولي عِيالٌ، وليس عند الوالي يَقِينُ ما قال .. فالقولُ قولُه؛ واحْتَجّ بأنّ رجلَيْن أتَيا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فسَألاه مِنْ الصدقة، فقال: «إنْ شِئتُما، ولا حَظَّ فيها لغَنِيٍّ، ولا لذي قُوَّةٍ مُكْتَسِبٍ»، قال الشافعي: رأى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- صِحَّةً وجَلَدًا يُشْبِه الاكْتِسابَ، فأعْلَمَهُما أنّه لا يَصْلُحُ لهما مع الاكْتِسابِ، ولا يَعْلَمُ أمُكْتَسِبان أم لا (٣)، فقال: إنْ شِئتُما بعد أنْ أعْلَمْتُكُما أن لا حَظَّ فيها لغَنِيٍّ ولا لمكتسبٍ، فَعَلْتُ.

(١٩٦٢) قال: والعامِلُون عليها: مَنْ وَلّاهُ الوالي قَبْضَها، ومَن لا غِنَى للوالي عن مَعُونَتِه عليها.

(١٩٦٣) وأمّا الخليفةُ ووالي الإقليمِ العظيمِ الذي لا يَلِي قَبْضَ الصدقة، وإنْ كانا مِنْ القائمين بالأمْرِ بأخْذِها .. فلَيْسا عندنا ممّن له فيها حَقٌّ؛ لأنّهما لا يَلِيان أخْذَها، وشَرِبَ عمرُ لَبَنًا فأعْجَبَه، فأُخْبِرَ أنّه مِنْ نَعَمِ الصدقةِ، فأدْخَلَ إصْبَعَه فاسْتَقاءه.


(١) قوله: «بين من» لا وجود له في ب.
(٢) هل يشترط في الفقير الزمانة والتعفف عن السؤال؟ فيه طريقان: أشهرهما - أنه على قولي القديم والجديد، ومن ثم ترجيح الجديد، والمذهب - القطع بعدم اشتراطها، وإليه مال المعتبرون، وأَوَّلوا ما نُقِل عن القديم، وأما المسكين فلا يعتبر فيه السؤال قطعًا عند أكثر الأصحاب، ومنهم: من نقل عن القديم اعتباره، قال الرافعي: «ولفظ المزني في «المختصر» يمكن تنزيله على الطريقين». انظر: «العزيز» (١٢/ ٥٩٠ و ٥٩٧) و «الروضة» (٢/ ٣٠٩ و ٣١١).
(٣) كذا في ز، وفي ظ ب س: «ولا يعلم أمكتسبين أم لا»، وكأنه على تقدير «كان».