للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ حَلالٍ أمَّ وَلَدٍ بقِيمَةٍ فكيف بوَطْءٍ حَرامٍ، وليس بشَرِيكٍ فيها (١) فيَكُونَ في مَعْنَى مَنْ أعْتَقَ شِرْكًا له في أمَةٍ، وهو لا يَجْعَلُها أمَّ وَلَدٍ للشَّرِيكِ إذا أحْبَلَها وهو مُعْسِرٌ، وهذا مِنْ ذلك أبْعَدُ (٢).

قال الشافعي: وإن لم يُحْبِلْها فعليه عُقْرُها (٣)، وحَرُمَتْ على الابْنِ، ولا قِيمَةَ له بأن حَرُمَتْ عليه، وقد تُرْضِعُ امْرَأةُ الرَّجُلِ بلَبَنِه جارِيَتَه الصَّغِيرَةَ، فتَحْرُمُ عليه ولا قِيمَةَ له.

(٢٠٦٣) قال الشافعي: قال الله جل ثناؤه: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} [المؤمنون: ٥ - ٦]، وفي ذلك دليلٌ أنّ اللهَ أرادَ الأحرارَ؛ لأنَّ العبيدَ لا يَمْلِكُون، وقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ باع عبدًا وله مالٌ فمالُه للبائعِ، إلّا أن يشْتَرِطَ المبتاعُ (٤)»، فدَلَّ الكتابُ والسُّنَّةُ أنّ العبدَ لا يَمْلِكُ مالًا بحالٍ، وإنّما يُضافُ إليه مالُه كما يُضافُ إلى الفَرَسِ سَرْجُه، وإلى الرّاعِي غَنَمُه، فإنْ قِيل: فقَدْ رُوِيَ عن ابن عُمَرَ أنّ العبدَ يَتَسَرَّى .. قيل: ورُوِيَ خِلافُه (٥)، قال ابنُ عُمَرَ: «لا يَطَأ الرجلُ إلّا وَلِيدَةً، إنْ شاءَ باعَها، وإنْ شاءَ وَهَبَها، وإنْ شاءَ صَنَعَ بها ما شاءَ»، قال: فلا يَحِلُّ أن يَتَسَرَّى العبدُ ولا مَنْ لم تَكْمُلْ فيه الحرِّيَّةُ بحالٍ.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من ظ، وهو في سائر النسخ، إلا أن ز سقط منها كلمة «فيها» آخره.
(٢) ظاهر صنيع المزني تخريجه قولًا للشافعي، وقال إمام الحرمين: «هو منقاسٌ حسن، ومن أصحابنا من ذكره مطلقًا للشافعي»، وفي المسألة قول ثالث حكاه صاحب «التقريب»: أنه يفصل بين أن يكون الأب موسرًا إذا وفَّى بقيمة الجارية، وبين أن يكون مُعسرًا، والأظهر أن الأمة تصير أم ولد للأب مطلقًا. انظر: «النهاية» (١٢/ ١٩٧) و «العزيز» (١٣/ ٦٢٤) و «الروضة» (٧/ ٢٠٨).
(٣) قال الأزهري في «الزاهر» (ص: ٤١٢): «العُقْر للأمة بمنزلة مهر المثل للحرة في النكاح الفاسد».
(٤) قوله: «إلا أن يشترط المبتاع» من ب س، واستدرك في هامش ط، وسقط رأسًا من ز.
(٥) كذا في ظ ز، وفي ب: «وقد روي خلافه»، وفي س: «قد روي عنه خلافه».