للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تُسافِرُ بهما، وجَعَلَ الزِّنا نِقْمَةً؛ في الدنيا بالحَدِّ، وفي الآخِرَةِ بالنار إلا أن يَعْفُوَ، أفَتَقِيسُ (١) الحرامَ الذي هو نِقْمَةٌ على الحلالِ الذي هو نِعْمَةٌ؟ وقلت له: لو قال لك قائلٌ: وَجَدْتُ المطَلَّقَةَ ثلاثًا تَحِلُّ بجِماعِ زَوْجٍ، فأحِلُّها بالزِّنا؛ لأنّه جِماعٌ كجِماعٍ؛ كما حَرَّمْتَ به الحلالَ لأنّه جِماعٌ وجِماعٌ؟ قال: إذًا تُخْطِئ؛ لأنّ اللهَ جلَّ ثناؤه أحَلَّها بإصابةِ زَوْجٍ، قيل: فكذلك ما حَرَّمَ اللهُ في كتابِه بنِكاحِ زَوْجٍ وإصابةِ زَوْجٍ، قال: أفَيَكُونُ شَيْءٌ يُحَرِّمُه الحلالُ لا يُحَرِّمُه الحرامُ أقولُ به (٢)؟ قلت: نعم، يَنْكِحُ أرْبَعًا فيَحْرُمُ عليه أن يَنْكِحَ مِنْ النساءِ خامسةً، أفَيَحْرُمُ عليه إذا زَنَى بأربعٍ شيءٌ مِنْ النساءِ؟ قال: لا يَمْنَعُه الحرامُ ممّا يَمْنَعُه الحلالُ، قال: فقد تَرْتَدُّ فتَحْرُمُ على زَوْجِها، قلت: نعم، وعلى جميعِ الخلقِ، وأقْتُلُها، وأجْعَلُ مالها فَيْئًا، قال: فقد نُوجِدُكُم الحرامَ يُحَرِّمُ الحلالَ، قلت: أمّا في مِثْلِ ما اخْتَلَفْنا فيه مِنْ أمْرِ النساءِ فلا.

قال المزني: قلت أنا (٣): تَرَكْتُ ذلك لكَثْرَتِه، وأنّه ليس بشَيْءٍ عندي (٤).


(١) هكذا بهمزة الاستفهام في ب س، وفي ظ ز: «فتقيس» بدون الهمزة.
(٢) كذا في ز ب، وفي ظ: «ولا يحرمه الحرام فأقول به»، وفي س: «لا يحرمه … فأقول به».
(٣) «قلت أنا» من ب.
(٤) «عندي» من ز، قال إمام الحرمين في «النهاية» (١٢/ ٢٣٨): «تبرم المزني بهذه المناظرة الطويلة وقطعها».