للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٢١٦٩) قال الشافعي: ذكر الله تبارك وتعالى الصَّداقَ والأجْرَ في كِتابِه، وهو المهْرُ، وقال الله عز وجل: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} [البقرة: ٢٣٦]، فدَلَّ أنّ عُقْدَةَ النكاحِ بالكَلامِ (١)، وأنّ تَرْكَ الصَّداقِ لا يُفْسِدُها، فلو عَقَدَ بمَجْهُولٍ أو بحَرامٍ ثَبَتَ النِّكاحُ، ولها مَهْرُ مِثْلِها.

(٢١٧٠) وفي قول الله تبارك وتعالى: {وآتيتم إحداهن قنطارًا} [النساء: ٢٠] دليلٌ أن لا وَقْتَ للصَّداقِ يَحْرُمُ به (٢)؛ لتَرْكِه النَّهْيَ عن الكثيرِ (٣)، وتَرْكِه حَدَّ القَلِيلِ، وقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «أدُّوا العَلائِقَ»، قيل: يا رسولَ الله، وما العَلائِقُ؟ قال: «ما تَراضَى به الأهْلُون (٤)»، قال: ولا يَقَعُ اسْمُ «عَلَقٍ (٥)» إلّا على ما له قِيمَةٌ وإن قَلَّتْ، مِثْلُ: الفَلْسِ وما أشْبَهَه، وقال -صلى الله عليه وسلم- لرجلٍ: «الْتَمِسْ ولو خاتمًا مِنْ حَدِيدٍ»، فالْتَمَسَ فلم يَجِدْ، فقال: «هَلْ مَعَك مِنْ القرآنِ شَيْءٌ؟»، قال: نَعَمْ، سُورَةُ كذا وسُورَةُ كذا، فقال: «قَدْ زَوَّجْتُكَها بما مَعَكَ مِنْ القُرآن»، وبَلَغَنا أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ اسْتَحَلَّ بدِرْهِمَيْن، فقد اسْتَحَلّ»، وأنّ عُمَرَ قال: «فِي ثَلاثِ قَبَضاتِ زَبِيبٍ مَهْرٌ»، وقال ابنُ المسيب: «لو أصْدَقَها سَوْطًا جازَ»، وقال ربيعةُ: «درهمٌ»، قال: قلت له: فأقل؟ قال: «ونصفُ درهمٍ»، قال: قلت له: فأقل؟ قال: «وحبَّةُ حنطةٍ - أو: قَبْضَةُ حنطةٍ -»، قال الشافعي: فما جازَ أن يَكُونُ ثَمَنًا لشَيْءٍ، أو مَبِيعًا بشَيْءٍ، أو أجْرَةً لشَيْءٍ .. جاز، إذا كانت المرأةُ مالِكَةً لأمْرِها.


(١) كذا في ظ ز ب، وفي س: «فدل على أن … ».
(٢) كذا في ظ، وفي ز ب س: «دليل على أن … ».
(٣) كذا في ز ب س، وفي ظ: «التكثير».
(٤) كذا في ظ ز س، وفي ب: «ما تراضوا به الأهلون»، وكأنه على لغة: «أكلوني البراغيث».
(٥) كذا في ز ب س، وفي ظ: «العلق».