للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المزني: ليس هذا قياسَ أصْلِه؛ لأنّه يَجْعَلُ النِّكاحَ والخُلْعَ بالبَدَلِ المجْهُولِ والشَّرْطِ الفاسِدِ سواءً، ويَجْعَلُ لها في النِّكاحِ مَهْرَ مِثْلِها، وله عليها في الخُلْعِ مَهْرُ مِثْلِها، ومِن قَوْلِه: لو خَلَعَها بمائةٍ على أنّها متى طَلَبَتْها فهي لها وله الرَّجْعَةُ عليها .. أنّ الخلعَ ثابِتٌ، والشَّرْطَ والمالَ باطلٌ، وعليها مَهْرُ مِثْلِها، كان أقَلَّ أو أكْثَرَ، فكذلك في القياسِ الخلعُ ثابتٌ، والدينارُ والشَّرْطُ في الرَّجْعَةِ باطلٌ، وعليها مَهْرُ مِثْلِها، ومِن قَوْلِه: لو خَلَعَ محْجُورًا عليها بمالٍ .. أنّ المالَ يَبْطُلُ، وله الرَّجْعَةُ، وإنْ أراد أن تَكُونَ بائنًا؛ كما لو طَلَّقَها طَلْقَةً بائنًا لم تَكُنْ بائنًا، وكانتْ له الرَّجْعَةُ (١).

قال المزني: قلت أنا (٢): فكذلك إذا طَلَّقَها بدينارٍ على أنّ له الرَّجْعَةَ لم تَكُنْ له رَجْعَةٌ؛ لأنّ حُكْمَ الطّلاقِ بالبَدَلِ بائنٌ لا يُبْطِلُه الشَّرْطُ؛ كما أنّ حُكْمَ طَلْقَةٍ بغَيْرِ بَدَلٍ أنّ له الرَّجْعَةَ لا يُبْطِلُه الشَّرْطُ (٣).

(٢٢٦٨) قال الشافعي: ولا يَلْحَقُ المخْتَلِعَةَ طَلاقٌ وإنْ كانَتْ في العِدَّةِ، وهو قَوْلُ ابنِ عبّاسٍ وابْنِ الزُّبَيْرِ، وقال بعضُ الناسِ: يَلْحَقُها الطلاقُ في العِدَّةِ، واحْتَجَّ ببَعْضِ التّابِعِين، واحْتَجَّ الشافعيُّ عليه مِنْ القرآنِ والإجماعِ بما يَدُلُّ على أنّ الطّلاقَ لا يَلْحَقُها بما ذَكَرَ اللهُ تبارك وتعالى بيْنَ


(١) كذا في ز ب س، وفي ظ: «وكذلك له الرجعة».
(٢) «قلت أنا» من ب.
(٣) الذي نقله المزني: أن الطلاق واقع، والعوض المذكور ساقط، والرجعة ثابتة، لم ينقل المزني عن الشافعي إلا هذا، واختار أن الطلاق يقع بائنًا، والرجوع إلى مهر المثل، وشرطُ الرجعة ساقط، ونقل الربيع عن الشافعي ما اختاره المزني، ولم يصحح في النقل غيره، ثم قال: وفي المسألة قول آخر: أن الرجعة ثابتة والدينار مردود. وللأصحاب في المسألة طريقان: أحدهما - تسليم القولين، وبه قال ابن سلمة وابن الوكيل، وبه قطع إمام الحرمين والبغوي ورَجَّحَا البينونة بمهر المثل، وهو اختيار المزني، وذهب ابن سريج وأبو إسحاق وجمهور الأصحاب إلى القطع بوقوعه رجعيًّا بلا مال. انظر: «النهاية» (١٣/ ٣٠٧) و «العزيز» (١٤/ ٣٩٠) و «الروضة» (٧/ ٣٩٨).