للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٣٠٨) [قال الشافعي:] وإنْ كانَتْ تَحِيضُ، فقال: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا للسُّنَّةِ» .. فإنْ كانَتْ طاهِرًا مِنْ غيرِ جِماعٍ طَلَقَتْ ثلاثًا مَعًا، وإنْ كانَتْ مُجامَعَةً أو حائضًا أو نُفَساءَ وَقَعَ عليها الطلاقُ حين تَطْهُرُ مِنْ الحيضِ أو النِّفاسِ، وحين تَطْهُرُ المجامَعَةُ مِنْ أوَّلِ حَيْضٍ بعد قَوْلِه وقَبْلَ الغُسْلِ.

(٢٣٠٩) وإنْ قال: نَوَيْتُ أن تَقَعْنَ في كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةٌ .. وَقَعْنَ مَعًا في الحُكْمِ، وعلى ما نَوَى فيما بَيْنَه وبَيْنَ الله، ولو كان قال: «في كُلِّ قُرْءٍ واحدةٌ» .. فإنْ كانَتْ طاهرًا حُبْلَى وَقَعَت الأُولَى ولم تَقَع الثِّنْتانِ، كانَتْ تَحِيضُ على الحَبَلِ أو لا تَحِيضُ حتّى تَلِدَ ثُمّ تَطْهُرَ، فإن لم يُحْدِثْ لها رَجْعَةً حتّى تَلِدَ بانَتْ بانْقِضاءِ العِدَّةِ، ولم تَقَعْ عليها غيرُ الأُولَى.

(٢٣١٠) ولو قال لامْرَأتِه: «أنْتِ طالقٌ ثلاثًا، بَعْضُهُنّ للسُّنَّةِ، وبَعْضُهُنّ للبدعةِ» .. وَقَعَت اثْنَتانِ في أيّ الحالَيْنِ كانَتْ، والأخْرَى إذا صارَتْ في الحالِ الأُخْرَى.

قال المزني: قلت أنا (١): أشْبَهُ بمَذْهَبِه عندي أنّ قَوْلَه: «بَعْضُهُنّ» يَحْتَمِلُ واحدةً، فلا يَقَعُ غَيْرُها، أو اثْنَتَيْن، فلا يَقَعُ غَيْرُهما، أو مِنْ كُلِّ واحدةٍ بَعْضُها (٢)، فيَقَعُ عليها بذلك ثلاثٌ (٣)، فلمّا أنْ كان الشَّكُّ كان القَوْلُ قَوْلَه مع يَمِينِه ما أراد بـ «بَعْضُهُنّ» في الحالِ الأُولَى إلّا واحدةً، و (بَعْضُهُنّ) الباقي في الحال الثّانيةِ، فالأقَلُّ يَقِينٌ، وما زاد شَكٌّ، وهو لا يَسْتَعْمِلُ الحُكْمَ بالشَّكِّ في الطلاقِ (٤).


(١) «قلت أنا» من ب.
(٢) كذا في ظ س، وفي ز ب: «بعضًا».
(٣) كذا في ظ ز، وفي ب: «فيقع بذلك ثلاثًا»، وفي س: «فيقع عليه بذلك ثلاثًا».
(٤) كذا في ظ ز س، وفي ب: «وهو لا يحكم في الشك في الطلاق»، وجاء في هامش س: «قال الهروي: جواب الشافعي يشبه أن يكون في الرجل يقول لامرأته: (أنت طالق ثلاثًا، نصفهن للسُّنّة، ونصفهن للبدعة)، فإن كان قال: (بعضهن للبدعة، وبعضهن للسنة) فالجواب ما قال فيه المزني». قال عبدالله: الصحيح في المسألة الأول المنصوص، وأما ما ذكره المزني فجعله إمام الحرمين والحَنّاطي وغيرهما وجهًا في المذهب، ولم يعدوه من تفردات المزني، قال الإمام في «النهاية» (١٤/ ٣٧): «الذي نقله المزني عن الشافعي أنه يقع في الحال ثنتان، ثم قال من تلقاء نفسه: (أشبه بمذهبه عندي: أن قوله: (بعضهن) يحتمل واحدةً، فلا يقع غيرها)، فأوضح من قياس الشافعي أنه لا يقع عند الإطلاق إلا واحدة، وأورد هذا على صيغة التصرف على مذهب الشافعي وقياسه، ولم يورده مختارًا لنفسه، وأنا أوثر أن ننظر في كل كلام له إلى ما أشرنا إليه، فإنْ تصرف على المذهب وأجرى قياسه فهو تخريج على مذهب الشافعي، وتخريجه أولى بالقَبول من تخريج غيره، وإن لم يتصرف على قياس المذهب واستحدث من تلقاء نفسه أصلًا فيعدّ ذلك مذهبَه، ولا يلحق بمتن المذهب، فليكن ما قاله في هذه المسألة تخريجًا، والمنصوص وقوع طلقتين، ومذهب المزني وتخريجه على مذهب الشافعي أنه لا يقع إلا طلقة». وانظر: «العزيز» (١٤/ ٥١٨) و «الروضة» (٨/ ١٢).