(٢) هذا المنصوص عليه في الجديد: أن العدّة تنقضي بوضع الثالث ولا يقع الطلاق بوضعه، ونص في «الإملاء» على أنّ الطلقة الثالثة تقع بالولد الثالث وتستأنف العدة بالأقراء، فاختلف أصحابنا في المسألة على طريقين: الصحيح عند المعتبرين - القطع بأن الطلاق الثالث لا يقع، وأنها تَبين بوضع الولد الثالث، ووجهه: أن الطلاق لو لم يلحقها لبانت بالولادة لمكان براءة الرحم، فإذا كان وضع الولد مقترنًا بالبينونة فالطلاق الثالث مضافٌ إلى حال البينونة، وهذا محالٌ، وهذا القائل يتأوّل نصَّ «الإملاء» ويحمله على أوجه: أحدها - على ما إذا راجعها بعد الولدين الأولين ثم ولدت الثالث في النكاح، فتلحقها الطلقة الثالثة، ثم تستقبل العدة، ورد هذا الوجه بأن الأصحاب نقلوا عن «الإملاء» التصريح بتصوير اعتقاب الولادات من غير تخلل رجعةٍ، وثانيها - على ما إذا ولدتهم دفعة واحدة بأن كانوا في مشيمة واحدة، فتقع بكل واحد طلقة وتعتد بالأقراء، وثالثها - على ما إذا كان الحمل من الزنا وأصابها الزوج، فتقع بكل واحد طلقة ولا تنقضي العدة بولادتهم، والطريقة الثانية: طرد القولين: أحدهما - وهو المنصوص عليه في الجديد أن الطلاق لا يقع بالولادة الثالثة، وثانيهما - أن الطلاق يقع، قال إمام الحرمين في «النهاية» (١٤/ ٢٠٧) «وقد تكلف الأصحاب توجيه هذا القول لاشتهاره، فلم يتحصّلوا على معنى عليه مُعوَّل». وانظر: «العزيز» (١٥/ ١٢٣) و «الروضة» (٨/ ١٤٢). (٣) جاء في هامش س: «قال الهروي: سمعت المزني يقول: قال الشافعي: إذا قال الرجل لامرأة: (أنت طالق إن شاء الله) فلا طلاق عليه؛ لأن الله تبارك وتعالى لو شاء الطلاق لأسكته حتى لا يقول: (إن شاء الله)، قال المزني: والذي أذهب إليه وأرى الحق فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل الاستثناء في الأيمان؛ لقوله: (من حلف على يمين فله ثُنْيَا)، وقوله: (أنت طالق) من غير أن يحلف ليس بيمين فيحكم له بالثُّنْيا، ولكن لو قال: (إن فعلتُ كذا وكذا، أو فعلتِ أنت، أو فعل فلان، أو كان كذا وكذا .. فأنتِ طالق إن شاء الله) .. فهذا الذي جُعِل له الثُّنْيا؛ لأنه حالف، ولا طلاق عليه، كان ما حلف عليه كما حلف أو غير ما حلف؛ لأنه يصير لقوله: (إن شاء الله) موصولًا بيمينه كمن لم يحلف. وبالله التوفيق».