(٢) ذلك؛ لأن العضل لا يقع إلا بعد بلوغ الأجل؛ لأن الزوج إنما يكون أحق برجعتها قبل بلوغ الأجل، والرجعة لا تسمى نكاحًا، وإنما يكون النكاح ما يستأنف، فلما بلغت الأجل الذي هو لها احتيج إلى استئناف النكاح، ونُهِي الأولياء عن عَضْل المرأة إذا أرادت أن تنكح زوجها الذي كان قد طلقها إذا تراضيا، وأما البلاغ في قوله: «فبلغن أجلهن» فقال الشافعي: إنه أراد به مقاربة البلوغ، ورد بعض الناس هذا عليه وقال: معنى قوله: «فبلغن أجلهن فأمسكوهن»؛ أي: أمسكوهن بنكاح جديد، «أو سرحوهن»؛ أي: اتركوهن مسرحات، ورده عليه ابن فارس في «الحلية» (ص: ١٧٣) فقال: «إن أهل اللغة مجمعون على أنه: إذا قربن ذلك وأشرفن على انقضائه»، قال: «والعرب تقول للإنسان: إذا بلغتَ مكة فاغتسل قبل أن تدخلها»، وقال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٤٤٠): «الذي قاله الشافعي صحيح معروف في كلام العرب، سمعتهم يقولون وهم يسيرون بالليل: (سيروا فقد أصبحتم) وبينهم وبين الصبح وانفجاره بون بائن، ومعناه: قاربتم انفجاره، ومن هذا قول الشماخ يصف ناقة وكلالها: وتَشْكُو بعينٍ ما أكَلَّ رِكابَها … وقيلَ المنادي: أصبَحَ القومُ أدْلِجِي فأمرهم بالإدلاج، وهو سير الليل، وهو يقول: (أصبح القوم)، ومعناه: قرب صباحهم».