عدل منكم} [الطلاق: ٢]، ففي هذا شَرْطان: عَدَدٌ وشَهادةٌ، فأنا أجِيزُ الشهادَةَ دُونَ العَدَدِ، فإنْ شَهِدَ اليَوْمَ شاهِدٌ ثُمّ عادَ بشَهادَتِه فهي شَهادَتان، فإن قال: لا، حتّى يَكُونا شاهِدَيْن .. فكذلك: لا، حتّى يَكُونُوا سِتِّينَ مسْكينًا.
(٢٥١٤) وقال أيضًا: لو أطْعَمَه أهْلَ الحَرْبِ لم يُجْزِئه، وإنْ أطْعَمَه أهْلَ الذِّمَّةِ أجْزَأه .. فإنْ أجْزَأ غَيْرَ المسْلِمِين، وقد أوْصَى اللهُ جل ذِكرُه بالأسِيرِ .. فلِمَ لا يُجْزِئ أسِيرُ المسْلِمِين الحرْبِيُّ والمسْتأمَنِين إلَيْهِم؟
(٢٥١٥) وقالوا: لو غَدّاهُم وعَشّاهُم - وإنْ تَفاوَتَ أكْلُهُم - فأشْبَعَهُم أجْزَأ، وإنْ أعْطاهُم قِيمَةَ الطّعامِ عَرْضًا أجْزَأه .. فإذا تَرَكَ ما نَصَّت السُّنَّةُ مِنْ المكِيلَةِ، فأطْعَمَ سِتِّين صَبِيًّا، أو رِجالًا مَرْضَى، أو مَنْ لا يُشْبِعُهُم إلّا أضْعافُ الكفّارَةِ، فما يَقُولُ إذا أعْطَى عَرْضًا مَكانَ المكِيلَةِ وكان مُوسِرًا يُعْتِقُ رَقَبَةً فتَصَدَّقَ بِقِيمَتِها؟ فإنْ أجازَ هذا .. فقَدْ أجازَ الإطْعامَ وهو قادِرٌ على الرَّقَبَةِ، وإنْ زَعَمَ أنّه لا يَجُوزُ إلّا رَقَبَةٌ .. فلم جَوَّزَ العَرْضَ؟ وإنّما السُّنَّةُ مَكِيلَةُ طَعامٍ مَعْرُوفَةٌ، وإنّه يَلْزَمُه في قِياسِ قَوْلِه هذا أن يُحِيلَ الصَّوْمَ وهو مُطِيقٌ له إلى الصَّدَقَةِ، والله أعلم.