للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

«لا يَجُوزُ أن يَكُونَ في بَعْضِ صَلاتِه مُقِيمًا ويُصَلِّي صلاةَ مُسافِرٍ»، وقال: «هذا أشْبَهُ القَوْلَيْن بالقياسِ» (١).

قال المزني: وما احْتَجَّ به مِنْ هذا يَقْضِي على أن لا يَجُوزَ لمَن دَخَلَ في صَوْمِ ظِهارٍ ثُمّ وَجَدَ رَقَبَةً أن يَصُومَ وهو ممّنْ يَجِدُ رَقَبَةً، ويُكَفِّرَ بالصِّيامِ [ف: ٢٤٩٩]، ولا لمَنْ دَخَلَ في الصلاةِ بالتَّيَمُّمِ أن يَكُونَ ممّن يَجِدُ الماءَ ويُصَلِّي بالتيممِ [ف: ٧٠]؛ كما قال: «لا يَجُوزُ أنْ تكُونَ في عِدَّتِها ممّن تَحِيضُ وتَعْتَدُّ بالشُّهورِ» في نَحْوِ ذلك مِنْ أقاوِيلِهِ، وقد سَوَّى الشافعيُّ في ذلك بَيْنَ ما دَخَلَ فيه المرْءُ وبَيْنَ ما لم يَدْخُلْ فيه، فجَعَلَ المسْتَقْبِلَ فيه كالمسْتَدْبِرِ.

(٢٦٤٧) قال الشافعي: والطلاقُ إلى الرجالِ، والعِدَّةُ بالنساءِ، وهذا أشْبَهُ بمَعْنَى القرآنِ مع ما ذكرنا مِنْ الأثَرِ وما عليه المسلمُون فيما سِوَى هذا مِنْ أنّ الأحْكامَ بفاعِلِيها، ألا تَرَى أنّ الحُرَّ المحْصَنَ يَزْنِي بالأمَةِ فيُرْجَمُ وتُجْلَدُ الأمَةُ خمسين، والزِّنا مَعْنًى واحدٌ، فاخْتَلَفَ حُكْمُه لاخْتِلافِ حالِ فاعِلِيه، وكذلك يُحْكَمُ للحُرِّ حُكْمُ نَفْسِه في الطلاقِ ثلاثًا وإنْ كانَتِ امْرَأتُه أمَةً، وعلى الأمَةِ بعِدَّةِ أمَةٍ وإنْ كان زَوْجُها حُرًّا.


(١) الأمة إذا فارقت زوجها وشرعت في العدة ثم عَتَقَت في أثنائها، نُظر: فإن كانت بائنة فعتقت في خلال العدة .. نص في القديم على أنها تقتصر على عدة الإماء، ونص في الجديد على قولين في البائنة، وإن كانت رجعيةً فعتقت في أثناء العدة .. المنصوصُ عليه في الجديد القطعُ بأنها تُكمل عدةَ الحرائر، وفي القديم قولان، والقديمُ يميل إلى الاقتصار على عدة الإماء، والجديد مَيْلُه إلى الإكمال، والرجعية أولى بالإكمال من البائنة، والبائنة أولى بالاقتصار من الرجعية، فينتظم من الجديد والقديم ثلاثة أقوال: أحدها - الاقتصار على عدة الإماء، رجعية كانت أو بائنة، والثاني - الإكمال، رجعيةً كانت أو بائنة، وهذا اختيار المزني، وصححه أبو إسحاق، والثالث - أنها إن كانت رجعية أكملت عدة الحرائر، وإن كانت بائنة اقتصرت على عدة الإماء، وهذا الأظهر. انظر: «النهاية» (١٥/ ١٩٩) و «العزيز» (١٦/ ٣٤) و «الروضة» (٨/ ٣٦٨).