للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال المزني: ليس يَنْظُرُ الشافعيُّ في ذلك إلّا إلى وقتِ الرَّضاعِ، فقد صارَتا أخْتَيْنِ في وقتٍ معًا برَضاعِ الآخِرَةِ منهما، قال المزني: ولا فَرْقَ بين امرأةٍ له كبيرةٍ أرْضَعَتِ امْرأةً له صغيرةً فصارتا أمًّا وبنتًا في وقتٍ معًا، وبين أجْنَبِيَّةٍ أرْضَعَتْ له امْرأتَيْن صَغِيرَتَيْن فصارتا أخْتَيْن في وقتٍ معًا، ولو جاز أن تكونَ إذا أرْضَعَتْ صغيرةً ثُمّ صغيرةً كامْرأةٍ نُكِحَتْ على أخْتِها، لَزِمَ إذا نكَحَ كبيرةً ثُمّ صغيرةً فأرْضَعَتْها أن تكونَ كامْرأةٍ نُكِحَتْ على أمِّها، وفي ذلك دليلٌ على ما قُلْتُ أنا، وقد قال في كتاب النكاح القديم: «لو تَزَوَّجَ صَبِيَّتَيْن فأرْضَعَتْهما امرأةٌ واحدةٌ بعد واحدةٍ انْفَسَخ نِكاحُهما»، قال المزني: وهذا إذْ ذاك سواءٌ (١)، وبقَوْلِه أوْلى (٢)، وبالله التوفيق (٣).

(٢٧٢٨) قال الشافعي: ولو كان للكبيرةِ بناتٌ مَراضِعُ أو مِنْ رَضاعٍ (٤)، فأرْضَعْن الصِّغارَ كُلَّهُنّ معًا .. انْفَسَخَ نكاحُهُنّ معًا، ويَرْجِعُ على كُلِّ واحدةٍ منهنَّ بنِصْفِ مَهْرِ التي أرْضَعَتْ.

قال المزني: ويَرْجِعُ عليهنّ بنِصْفِ مَهْرِ امْرأتِه الكبيرةِ إن لم يَكُنْ دَخَلَ بها؛ لأنّها صارَتْ جَدَّةً مع بناتِ بناتِها معًا، وتَحْرُمُ الكبيرةُ أبَدًا، ويَتَزَوَّجُ الصِّغارَ على الانْفِرادِ (٥).


(١) كذا في ظ، وفي ز ب: «وهذا وذاك سواء».
(٢) كذا في ظ ب، وفي ز: «وهو بقوله أولى».
(٣) ما رجحه المزني هو الأظهر من القولين عند أكثر الأصحاب، فالمسألة من المسائل التي يرجح فيها القديم، ورجح الشيخ أبو حامد في تعليقه الأول الجديد. انظر: «العزيز» (١٦/ ٥٠٥) و «الروضة» (٩/ ٢٨).
(٤) أي: كانت للكبيرة بنات أو من رضاع كلهن مراضع؛ أي: ذوات لبن يرضعن. «الحاوي» (١١/ ٣٨٨).
(٥) أما إذا كان دخل بالكبيرة .. فعلى الزوج مهرها المسمى، وهل تغرم المرضعة له؟ فيه قولان: أحدهما وينسب إلى رواية المزني في «منثوراته» - أنها لا تغرم؛ لأن البضع بعد الدخول بها لا يتقوم للزوج، ألا ترى أنها إذا ارتدت وأصرت حتى انفسخ النكاح لا تغرم للزوج شيئًا، وأظهرهما - أنها تغرم له مهر المثل كما لو شهدوا على الطلاق بعد الدخول ثم رجعوا، يغرمون مهر المثل. انظر: «العزيز» (١٦/ ٤٨٤) و «الروضة» (٩/ ٢٢).