وأمَّهاتِها وبَناتِها؟! فهُنَّ في شهادَتِهِنّ على فِعْلِها أجْوَزُ في القياسِ مِنْ شَهادَتِها على فِعْلِ نَفْسِها (١).
(٢٧٤٤) قال الشافعي: ويُوقَفْنَ حتّى يَشْهَدْن أنْ قد رَضَعَ الموْلُودُ خَمْسَ رَضَعاتٍ تَخْلُصُ كُلُّهُنّ إلى جَوْفِه، ويَسَعُهُنّ الشّهادَةُ على هذا؛ لأنّه ظاهرُ عِلْمِهِنّ.
(٢٧٤٥) وذَكَرَت السَّوْداءُ أنّها أرْضَعَتْ رجلًا وامرأةً تَناكَحا، فسَألَ الرَّجلُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فأعْرَضَ وقال:«وكيف وقد زَعَمَت السوداءُ أنّها قد أرْضَعَتْكما؟»، قال الشافعي: إعْراضُه -صلى الله عليه وسلم- يُشْبِه أن يَكُونَ لم يَرَ هذا شَهادَةً تَلْزَمُه، وقولُه:«وكيف وقد زَعَمَت السوداءُ أنّها قد أرْضَعَتْكما؟» يُشْبِهُ أن يَكْرَهَ له أن يُقِيمَ مَعَها وقد قيل: إنّها أخْتُه مِنْ الرَّضاعةِ، وهو مَعْنَى ما قُلْنا أنّه يَتْرُكُها وَرَعًا لا حُكْمًا.
(٢٧٤٦) قال: ولو قال رجلٌ: هذه أخْتِي مِنْ الرَّضاعَةِ، أو قالَتْ: هذا أخِي مِنْ الرَّضاعَةِ، كَذَّبَتْه أو كَذَّبَها .. فلا يَحِلُّ لواحِدٍ منهما أن يَنْكِحَ الآخَرَ، ولو أقَرَّ بذلك بعد عَقْدِ نِكاحِها فُرِّقَ بينهما، فإنْ كَذَّبَتْه أخَذَتْ نِصْفَ ما سَمَّى لها، وإن كانَتْ هي المدَّعِيَةَ أفْتَيْتُه أن يَتَّقِيَ اللهَ ويَدَعَ نِكاحَها بطَلْقَةٍ لتَحِلَّ بها لغَيْرِه وإنْ كانَتْ كاذِبَةً، وأحَلِّفُه لها، فإن نَكَلَ حَلَفَتْ وفُرِّقَ بينهما.
(١) قال الماوردي في «الحاوي» (١١/ ٤٠٥): «غلط المزني على الشافعي غلطًا واضحًا، فظن أنه أجاز شهادة المرضعة ورد شهادة أمها، فقال: (كيف يجوز شهادتها على فعلها، ولا تجوز شهادة أمها؟)، وهذا غلط منه على الشافعي؛ لأن الشافعي إنما رد شهادة أم الزوجين من النسب، ولم يرد شهادة أم المرضعة؛ لأن أبوة الرضاع لا تمنع من قبول الشهادة، وإنما منعت أبوة النسب منها».