للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأنّ القَلَمَ عن الأبِ لَيْسَ بمَرْفُوعٍ، وهذا تَرْكُ أصْلِكَ؟»، قال المزني: قد شَرِكَ الشافعيُّ محمَّدَ بنَ الحسنِ فيما أنْكَرَ عليه في هذه المسألةِ؛ لأنّ رَفْعَ القِصاصِ عن الخاطِئِ (١) والمجْنُونِ والصَّبِيِّ واحدٌ، فكذلك حُكْمُ مَنْ شَرِكَهُم بالعَمْدِ واحِدٌ (٢).

(٢٨٧٤) قال الشافعي: ولو قَتَلَ أحَدُ الوَلِيَّيْن القاتِلَ بغَيْرِ أمْرِ صاحِبِه .. ففيها قولان:

أحدهما - أن لا قِصاصَ بِحالٍ؛ للشُّبْهَةِ، قال الله عز وجل: {فقد جعلنا لوليه سلطانا} [الإسراء: ٣٣]، يَحْتَمِلُ أيّ وَلِيٍّ قَتَلَ كان أحَقَّ بالقَتْلِ، وهو مَذْهَبُ أكْثَرِ أهْلِ المدينةِ، يُنْزِلُونَه بمَنْزِلَةِ الحَدِّ لهم عن أبِيهِم، إنْ عَفَوْا إلّا واحِدًا كان له أن يَحُدّ، قال الشافعي: وإنْ كان ممّن لا يَجْهَلُ .. عُزِّرَ، وقِيلَ للوُلاةِ معه: لَكُمْ حِصَصُكُم، والقَوْلُ مِنْ أيْنَ يأخُذُونَها؟ واحِدٌ مِنْ قَوْلَيْن: أحدهما - أنّها لهم مِنْ مالِ القاتِلِ، يَرْجِعُ بها وَرَثَةُ القاتِلِ في مالِ قاتِلِه، ومَن قال هذا قال: إنْ عَفَوْا عن القاتِلِ الدِّيَةَ يَرْجِعُ وَرَثَةُ القاتِلِ المقْتُولِ على قاتِلِ صاحِبِهِم بحِصَّةِ الوَرَثَةِ معه مِنْ الدِّيَةِ، والقول الثاني في حِصَصِهم - أنّها لهم في مالِ أخِيهِم القاتِلِ قاتِلَ أبِيهم؛ لأنّ الدِّيَةَ إنّما كانَتْ تَلْزَمُه لو كان لم يَقْتُلْه وليٌّ، فإذا قَتَلَه وليٌّ فلا يَجْتَمِع عليه القَتْلُ والغُرْمُ.


(١) كذا في ظ ب س، وفي ز: «المخطئ».
(٢) قال الماوردي في «الحاوي» (١٢/ ١٣٢): «هذا الاعتراض وهم من المزني؛ لأن الشافعي حمل ذلك على اختلاف قوليه في عمد الصبي: هل يكون عمدًا أو خطأ؟ فجعله في أحد قوليه عمدًا فلم يسقط به القود عن البالغ إذا شاركه؛ لوجود الشبهة في الفاعل دون الفعل، بخلاف الخاطئ، وإن جعل عمده في القول الثاني خطأ سقط به القود عن البالغ؛ لوجود الشبهة في القتل دون الفاعل كالخاطئ، فكان اعتراضه زللًا».