للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٠٧٦) وإذا اصْطَدَمَت السَّفِينَتان فتكَسَّرَتا أو إحْداهُما، فمات مَنْ فيهما .. فلا يَجُوزُ فيها إلّا واحدٌ مِنْ قَوْلَيْن: أحدهما - أن يَضْمَنَ القائمُ بهما في تلك الحالِ نِصْفَ كُلِّ ما أصابَتْ سَفِينَتُه لغَيْرِه، أو لا يَضْمَنَ بحالٍ إلّا أن يَقْدِرَ على تَصْرِيفِها بنَفْسِه وبمَن يُطِيعُه، فأمّا إذا غَلَبَتْه فلا يَضْمَنُ في قَوْلِ مَنْ قال هذا القَوْلَ، والقَوْلُ قَوْلُ الذي يَصْرِفُها أنّها غَلَبَتْه برِيحٍ أو مَوْجٍ، وإذا ضَمِنَ غَيْرَ النُّفُوسِ في مالِه ضَمِنَت النُّفُوسَ عاقِلَتُه، إلّا أن يَكُونَ عَبْدًا، فيَكُونَ ذلك في عُنُقِه.

قال المزني: وقال في «كتاب الإجارات»: «لا ضَمانَ إلّا أن يُمْكِنَ صَرْفُها» (١).

(٣٠٧٧) قال الشافعي: وإذا صَدَمَتْ سَفِينَتُه مِنْ غَيْرِ أن يَعْمِدَ بها الصَّدْمَ .. لم يَضْمَنْ شيئًا ممّا في سَفِينَتِه بحالٍ؛ لأنّ الذين دَخَلُوا غَيْرُ مُتَعَدًّى عليهم ولا على أمْوالِهِم.

(٣٠٧٨) فإذا عَرَضَ لهم ما يَخافُون به التَّلَفَ عليها وعلى مَنْ فيها، فألْقَى أحَدُهم بَعْضَ ما فيها رَجاءَ أن تَخِفَّ فتَسْلَمَ .. فإنْ كان مالَه فلا شَيْءَ على غيرِه (٢)، وكذلك لو قالوا له: ألْقِ مَتاعَك، وإنْ كان لغَيْرِه ضَمِنَ، ولو قال لصاحِبِه: ألْقِه على أنْ أضْمَنَه أنا ورُكْبانُ السَّفِينَةِ .. ضَمِنَه دُونَهم إلّا أن يَتَطَوَّعُوا.

قال المزني: هذا عندي غَلَطٌ غَيْرُ مُشْكِلٍ، قِياسُ مَعْناه أن يَكُونَ عليه بحِصَّتِه، ولا يَلْزَمُه ما لم يَضْمَنْ، ولا يَضْمَنُ أصْحابُه ما أراد أن يُضَمِّنَهُم إيّاه (٣).


(١) إشارة من المزني إلى أن القول الثاني الأظهر، وهو كذلك. انظر: «العزيز» (١٨/ ٣١٥) و «الروضة» (٩/ ٣٣٧).
(٢) كذا في ظ ز س، وفي ب: «فلا شيء عليه ولا على غيره».
(٣) المنصوص الأصح؛ لأنه قال أولًا: «على أن أضمنه أنا»، فكأنه ضمنه على الكمال. وانظر: «العزيز» (١٨/ ٣٢٧) و «الروضة» (٩/ ٣٤١).