للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا، قلتُ: فإذا كانَت الدّارُ لا تُغَيِّرُ ما أحِلَّ لهم وحُرِّمَ عليهم، فكَيْفَ أسْقَطْتَ عنهم حَقَّ الله جل ذكره وحَقَّ الآدَمِيِّينَ الذي أوْجَبَهُ اللهُ عليهم؟ ثُمَّ أنْتَ لا تُحِلُّ لهم حَبْسَ حَقٍّ قِبَلَهُم في دَمٍ ولا غَيْرِه، وما كان لا يَحِلُّ لهم حَبْسُه كان على الإمامِ اسْتِخْراجُه عندك في غَيْرِ هذا الموْضِعِ، قال: فأقِيسُهُم بأهْلِ الرِّدَّةِ الذين أُبْطِلُ ما أصابُوا، قلتُ: فأنْت تَزْعُمُ أنّ أهْلَ البَغْيِ يُقادُ منهم ما لم يَنْصِبُوا إمامًا ويُظْهِرُوا حُكْمًا، والتُّجّارُ والأسْرَى لا إمامَ لهم ولا امْتِناعَ، وتَزْعُمُ لو قَتَلَ أهْلُ البَغْيِ بَعْضُهم بَعْضًا بلا شُبْهَةٍ أقَدْتَ منهم؟ قال: لا (١)، ولكنّ الدّارَ ممْنُوعَةٌ مِنْ أن يَجْرِيَ عليهم الحُكْمُ، قلتُ: أرَأيْتَ لو أنّ جماعَةً مِنْ أهْلِ القِبْلَةِ مُحارِبِين امْتَنَعُوا في مَدِينَةٍ حتّى لا يَجْرِيَ عليها حُكْمٌ، فقَطَعُوا الطَّرِيقَ، وسَفَكُوا الدِّماءَ، وأخَذُوا أمْوالَ المسْلِمِين (٢)، وأتَوا الحدُودَ؟ فقال: يُقامُ هذا كُلُّه عليهم، قلتُ: فهذا كُلُّه تَرْكُ مَعْناك.

(٣٢٠٠) وقلتُ له: وأنْكَرْتَ على المدَنِيِّينَ قَوْلَهُم: «لا يَرِثُ قاتِلُ عَمْدٍ، ويَرِثُ قاتِلُ خَطَأٍ إلّا مِنْ الدِّيَةِ» فقلتَ: لا يَرِثُ في الوَجْهَيْن؛ لأنّه يَلْزَمُه اسْمُ قاتِلٍ، فكَيْفَ لم تَقُلْ هذا في القاتِلِ مِنْ أهْلِ البَغْيِ والعَدْلِ؛ لأنّ كُلًّا يَلْزَمُه اسْمُ قاتِلٍ، وأنْتَ تُسَوِّي بينهما، فلا تُقِيدُ أحَدَهُما بصاحِبِه؟


(١) كلمة: «لا» من ظ س، وسقطت من ز ب.
(٢) كذا في ظ، وحول إليه في س أيضًا، وفي ز ب: «وأخذوا الأموال».