(٣٣٩٩) وليس للإمامِ أن يُصالِحَ أحَدًا منهم على أن يَسْكُنَ الحِجازَ بحالٍ، ولا يَبِينُ أن يَحْرُمَ أن يَمُرَّ ذِمِّيٌّ بالحِجازِ مارًّا، لا يُقِيمُ بها أكْثَرَ مِنْ ثلاثِ لَيَالٍ، وذلك مُقامُ مُسافِرٍ، لاحْتِمالِ أمْرِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بإجْلائِهم منها أن لا يَسْكُنُوها، ولا بَأسَ أن يَدْخُلَها الرُّسُلُ؛ لقَوْلِه جل ثناؤُه:{وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه}[التوبة: ٦]، ولولا أنّ عُمَرَ أجَّلَ لمَنْ يَقْدَمُ المدينةَ تاجِرًا ثلاثًا لا يُقِيمُ فيها بعد ثلاثٍ .. لرَأيْتُ أن لا يُصالَحُوا على أن يَدْخُلُوها بحالٍ، ولا يُتْرَكُوا يَدْخُلُونَها إلّا بصُلْحٍ؛ كما كان عُمَرُ بنُ الخطابِ يأخُذُ مِنْ أمْوالِهِم إذا دَخَلُوا المدينةَ.
(٣٤٠٠) ولا يَتْرُكُ أهْلَ الحَرْبِ يَدْخُلُون بِلادَ الإسْلامِ تُجّارًا، فإنْ دَخَلُوا بغَيْرِ أمانٍ ولا رِسالةٍ .. غُنِمُوا، وإنْ دَخَلُوا بأمانٍ، وشُرِطَ أن يُؤخَذَ منهم عُشْرٌ، أو أقَلُّ، أو أكْثَرُ .. أخِذَ، وإن لم يَكُنْ عليهم شَرْطٌ .. لم يُؤخَذْ منهم شَيْءٌ، وسَواءٌ كانوا يَعْشُرُون المسْلِمِين إذا دَخَلُوا بلادَهم أو يَخْمُسُونهم أو لا يَعْرِضُوا لهم (١).
(٣٤٠١) قال: وإذا اتَّجَرُوا في بِلادِ المسْلِمِين إلى أفُقٍ مِنْ الآفاقِ، لم يُؤخَذْ منهم في السَّنةِ إلّا مَرَّةً كالجِزْيَةِ، وقد ذُكِرَ عن عُمَرَ بنِ عبدِالعزيز أنّه كَتَبَ أن يُؤخَذَ فيما ظَهَرَ مِنْ أمْوالِهِم وأمْوالِ المسْلِمِين، وأن تُكْتَبَ لهم بَراءَةٌ إلى مِثْلِه مِنْ الحَوْلِ، ولولا أنّ عُمَرَ أخَذَه منهم ما أخَذْناه، ولم يَبْلُغْنا أنّه أخَذَ مِنْ أحَدٍ في سَنَةٍ إلّا مَرَّةً.
(٣٤٠٢) قال: ويُؤخَذُ منهم ما أخَذَ عُمَرُ، مِنْ المسْلِمِين رُبُعُ العُشْرِ، ومِن أهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفُ العُشْرِ، ومِن أهْلِ الحَرْبِ العُشْرُ؛ اتِّباعًا له على ما أخَذَ.