للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فكُلُوه، إلّا ما كان مِنْ سِنٍّ أو ظُفُرٍ؛ لأنّ السِّنَّ عَظْمٌ مِنْ الإنسانِ، والظُّفُرَ مُدَى الحَبَشِ» (١)، وثَبَتَ عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه جَعَلَ ذَكاةَ الإنْسِيِّ كذَكاةِ الوَحْشِيِّ إذا امْتَنَعَ، قال: ولمّا كان الوَحْشِيُّ يَحِلُّ بالعَقْرِ ما كان مُمْتَنِعًا، فإذا قُدِرَ عليه لم يَحِلَّ إلّا بما يَحِلُّ به الإنْسِيُّ .. كان كذلك الإنْسِيُّ إذا صار كالوَحْشِيِّ مُمْتَنِعًا حَلَّ بما يَحِلُّ به الوَحْشِيُّ.

(٣٤٤٢) قال: ولو وَقَعَ بَعِيرٌ في بِئرٍ، فطُعِنَ .. فهو كالصَّيْدِ.

(٣٤٤٣) ولو رَمَى صَيْدًا فكَسَرَه أو قَطَعَ جَناحَه، ورَماه آخَرُ فقَتَلَه .. كان حَرامًا، وكان على الرّامِي الآخَرِ قِيمَتُه بالحالِ التِي رَماه بها مَكْسُورًا أو مَقْطُوعًا.

قال المزني: مَعْنَى قَوْلِ الشّافِعِيِّ في ذلك عِنْدِي إنّما يَغْرَمُ قِيمَتَه مَقْطُوعًا؛ لأنّه رَماهُ فَقَطَع رَأسَه، أو بَلَغَ مِنْ مَقاتِلِه ما يَعْلَمُ (٢) أنّه قَتَلَه دُونَ جُرْحِ الجناحِ، ولو كان جُرْحًا كالجُرْحِ الأوَّلِ، ثُمّ أخَذَه رَبُّه فماتَ في يَدَيْه، فقد مات مِنْ جُرْحَيْن، فعلى الثّاني قِيمَةُ جُرْحِه مَقْطُوعَ الجناحِ الأوَّلِ، ونِصْفُ قِيمَتِه مَجْرُوحًا جُرْحَيْن؛ لأنّ قَتْلَه مَقْطُوعَ الجناحَيْن مِنْ فِعْلِه وفِعْلِ مالِكِه.

(٣٤٤٤) قال الشافعي: ولو كان مُمْتَنِعًا بعدَ رَمْيَةِ الأوَّلِ (٣)، يَطِيرُ إن كان طائرًا، أو يَعْدُو إن كان دابَّةً، ثُمّ رَماهُ الثّاني فأثْبَتَه .. كان للثّاني، ولو رَماهُ الأوَّلُ بهذه الحالِ فقَتَلَه .. ضَمِنَ قِيمَتَه للثّاني؛ لأنّه صار له دُونَه.


(١) «أنهر الدم»: سَيَّله حتى يجري كالنهر الذي يجري فيه الماء، ومعناه: قَطْع الأوداج والمبالغة في استيعاب قطعها، وكل شيء وسَّعْته فقد أنهرته. «الزاهر» (ص: ٥٢٤).
(٢) كذا في ز ب س، وفي ظ: «ما لم يعلم».
(٣) كذا في ظ، وفي ز ب: «ولو كان ممتنعًا به رمية الأول»، وفي س: «برمية الأول».