للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بنابِه حَرامٌ، وما لم يَعْدُ عليهم بنابِه الضَّبُعُ والثَّعْلَبُ وما أشْبَههما حَلالٌ، وكذلك تَتْرُكُ أكْلَ النَّسْرِ والبازِيِّ والصَّقْرِ والشّاهِينِ وهي ممّا تَعْدُوا على حَمامِ النّاسِ وطائِرِهم، وكانَتْ تَتْرُكُ ما لا يَعْدُو مِنْ الطّائِرِ، الغُرابَ والحِدْأةَ والرَّخَمَةَ والبُغاثَةَ، وكذلك تَتْرُكُ اللُّحَكَاءَ والعَظاءَ والخَنافِسَ (١)، فكانَتْ داخِلَةً في مَعْنَى الخبائِثِ، وخارِجَةً مِنْ مَعْنَى الطَّيِّباتِ، فوافَقَت السُّنَّةَ فيما أحَلُّوا وحَرَّمُوا مع الكِتابِ ما وَصَفْتُ، فانْظُرْ ما لَيْسَ فيه نَصُّ تَحْرِيمٍ ولا إحْلالٍ (٢)، فإنْ كانَت العَرَبُ تَأكُلُه فهو داخِلٌ في جملةِ الحلالِ والطَّيِّباتِ عندهم؛ لأنّهم كانُوا يُحَلِّلُون ما يَسْتَطِيبُون، وما لم يَكُونُوا يَأكُلُونه تَحْرِيمًا باسْتِقْذارِه فهو داخِلٌ في مَعْنَى الخبائِثِ.

(٣٥٠١) ولا بَأسَ بأكْلِ الضَّبِّ، وُضِعَ بين يَدَيْ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فعافَه (٣)، فقيل: أحَرامٌ (٤) يا رسولَ الله؟ قال: «لا، ولكِنْ لم يَكُنْ بأرْضِ قَوْمِي»، فأُكِلَ منه بين يَدَيْه وهو يَنْظُرُ (٥)، ولو كان حَرامًا ما تَرَكَه وأكْلَه.


(١) «اللُّحَكاء»: دويبة كأنها سمكة تكون في الرمل، إذا رآها الإنسان غاصت في الرمل وتغيب فيه، والعرب تسميها: «بنات النَّقا» لسكونها نقيان الرمال، وتُشَبَّه أنامل الجواري بها للينها، ومنه قول ذي الرمة: «بناتُ النَّقَا تَخْفَى مرارًا وتظهرُ»، قال أبو منصور: «وسمعت الأعراب يسمونها: الطُّحَنة واللُّحَكَة والحُلُكَة، ولغة الشافعي: اللُّحَكاء، وكأنها لغة أهل الحجاز»، و «العَظاء»: هينة ملساء تعدو وتتردد كثيرًا، تشبه سام أبرص، إلا أنها لا تؤذي، وهي أحسن منه. «الزاهر» (ص: ٥٣٤). وانظر «الرد على الانتقاد» للبيهقي (ص: ٩٥).
(٢) كذا في ظ، وفي ز ب س: «تحليل».
(٣) «عافه»؛ أي: لم تطب نفسه لأكله؛ لأنه قَذِرَهُ، لا من جهة التحريم. «الزاهر» (ص: ٥٣٥).
(٤) كذا في ظ ز، وفي ب س: «أحرام هو».
(٥) زاد في ز ب س: «إليه».