للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في يَدِهِ ما لا يَمُرُّ السَّهْمُ معه .. كان له أن يَعُودَ به، فأمّا إنْ جاز السَّهْمُ وأجاز مِنْ وَراءِ النّاسِ فهذا سُوءُ رَمْيٍ، ليس بعارِضٍ غَلَبَ عليه، فلا يُرَدُّ إليه.

(٣٥٢٢) وإذا كان رَمْيُهما مُبادَرَةً، فبَلَغَ تِسْعَةَ عَشَرَ مِنْ عِشْرِين .. رَمَى صاحِبُه بالسَّهْمِ الذي يُراسِلُه، ثُمّ رَمَى البادِئ، فإنْ أصابَ بسَهْمِه ذلك فَلَجَ عليه، وإن لم يَرْمِ الآخَرُ بالسَّهْمِ؛ لأنِ المبادَرَةَ أن يَفُوتَ أحَدُهما الآخَرَ، وليْسَ كالمحاطَّةِ.

قال المزني: هذا عندي غَلَطٌ، لا يَنْضُلُه حتّى يَرْمِيَ صاحِبُه بمِثْلِه (١).

(٣٥٢٣) قال الشافعي: وإذا تَشارَطا الخَواسِقَ لم يُحْسَبْ خاسِقًا حتّى يَخْزِقَ الجِلْدَ فيَتَعَلَّقَ بنَصْلِه، ولو تَشارَطا المصِيبَ، فمَن أصاب الشَّنَّ ولم يَخْرِقْه حُسِبَ له؛ لأنّه مُصِيبٌ (٢).


(١) صورة مسألة الكتاب كما قال الماوردي في «الحاوي» (١٥/ ٢١٤): «أن يتناضلا على إصابة عشرة من ثلاثين مبادرة، فيصيب البادئ منهما تسعة من تسعة عشر، ويصيب الآخر المبدأ ثمانية من تسعة عشر، ثم رمى البادئ سهمًا آخر يستكمل به العشرين فيصيب، فيصير به ناضلًا، ويمنع الآخر المبدأ من رمي السهم الآخر الذي رماه الثاني؛ لأنه لا يستفيد به نضالًا ولا مساواة؛ لأن الباقيَ له من العشرين سهم واحد، وعليه إصابتان، ولو رمى فأصابه بقيت عليه إصابة يكون بها منضولًا، فلم يكن لرميه معنى يستحقه بالعقد، فلذلك منع منه، ولو كان كل واحد منهما قد أصاب تسعة من تسعة عشر، ثم رمى البادئ وأصاب، كان للمبدأ أن يرمي؛ لجواز أن يصيب فيكافئ»، قال: «فأما المزني فظن أن الشافعي منع المبدأ أن يرمي بالسهم الباقي في هذه المسألة، فتكلم عليه، وليس كما ظن، بل أراد منعه في المسألة المتقدمة؛ للتعليل المذكور».
(٢) مما ينبغي معرفته هنا صفة السهام التي يُرْمَى بها، فمنها: «الخاسِق» و «الخازِق» الذي يرتز في الشن، وهو «المقَرْطِس» الذي يرتز في القرطاس؛ أي: يثبت فيه، و «القرطاس»: ما وضع في الهدف ليرمى، و «الهدف»: ما رفع وبني من الأرض، سمي هدفًا لنتوءه من الأرض وارتفاعه، و «الغَرَض»: ما نصب في الهواء، وسمي القرطاس هدفًا وغرضًا على الاستعارة، و «الشَّنُّ»: الجلد البالي اليابس، ومن صفة السهام: «الحابي»: الذي يقع على الأرض ثم يزحف إلى الهدف، وجمعه: حَوابٍ، يقال: «حبا الصبي يَحْبُو حَبْوًا، وزَحَف يَزْحَف زَحْفًا»: أول ما يتحرك على استه وبطنه، فإذا مشى على رجله أول ما يمشي فهو «دارج»، ومنها: «الصارد» الذي أصاب القرطاس أو الشن المنصوب فنفذ منه ومضى ولم يؤثر فيه، وجمعه: صوارد، و «الصَّرْد»: الطعن النافذ، و «قد صَرَدَ السَّهم، يَصرَد، صَرَدًا، وأصردته أنا»، ومنها: «الطامح» و «القاحز» الذي يشخص عن كبد القوس ذاهبًا في السماء، يقال: «لَشَدَّ ما قَحَزَ سهمه وشخص»، فإذا لم يجئ صاعدًا قيل: «جاء سهمه قاصدًا داقًّا»، ومنها: «الخاصل»: الذي قد أصاب القرطاس، و «الخَصْلَة»: الإصابة في الرمي، و «قد خَصَلَه»: إذا أصابه، وكان ابن عمر -رضي الله عنه- يرمي، فإذا أصاب خَصْلة قال: أنا بها؛ أي: أنا صاحبها وراميها، ومنها: «الصائف»: الذي يميل يمينًا وشمالًا عن الهدف، وهو «المعَظْعِظُ» أيضًا، ومنها: «المُعَصَّل»: الذي يلتوي إذا رمي به، و «العُصْل»: السهام المعوجة، واحدها: أعْصَل، ويقال للسهم إذا التوى في الرمي: «عاصدٌ» أيضا، ومنها: «الزاهق»: إذا رمى فجاوز الهدف من غير أن أصابه، والجمع: زواهق، ومنها: «الحائص»: الذي يقع بين يدي الرامي، ومنها: «الدابر»: الذي يخرج من الهدف، وهو «المارق» أيضًا، وجمعه: «موارق»، ومنها: «المرْتَدِع»: الذي أصاب الهدف، ومنها: «الخارم»: الذي يصيب طرف القرطاس فلا يثقبه، ولكن يخرق الطرف ويخرمه. «الزاهر» (ص: ٥٣٧) و «الحلية» (ص: ٢٠٤).