للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٦٥٨) قال الشافعي: ولو حَلَفَ لا يَرَى كذا إلّا رَفَعَه إلى قاضٍ، فرَآه، فلم يُمْكِنْه رَفْعُه إليه حتّى ماتَ ذلك القاضِي .. لم يَحْنَثْ حتّى يُمْكِنَه فيُفَرِّطَ، ولو عُزِلَ .. فإن كانَتْ نِيَّتُه أن يَرْفَعَه إليه إن كان قاضِيًا فلا يَجِبُ رَفْعُه إليه، وإن لم تَكُنْ له نِيَّةٌ خَشِيتُ أن يَحْنَثَ إن لم يَرْفَعْه إليه.

(٣٦٥٩) ولو حَلَفَ مالَه مالٌ، وله عَرَضٌ أو دَيْنُ .. حَنِثَ، إلّا أن يَكُونَ نَوَى غَيْرَ ذلك، فلا يَحْنَثُ.

(٣٦٦٠) ولو حَلَفَ ليَضْرِبَنَّ عَبْدَه مائَةَ سَوْطٍ، فجَمَعَها فضَرَبَه بها .. فإن كان يُحِيطُ العِلْمُ أنّها ماسَّتْه كُلُّها بَرَّ، وإنْ أحاطَ أنّها لم تُماسَّه كُلُّها لم يَبَرَّ، وإنْ شَكّ لم يَحْنَثْ في الحكْمِ، وحَنِثَ في الوَرَعِ، واحْتَجَّ الشافعيُّ بقَوْلِ الله تبارك وتعالى: {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} [ص: ٤٤] (١)، وضَرَبَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بأثْكَالِ النَّخْلِ في الزِّنا، وهذا شَيْءٌ مجْمُوعٌ، غَيْرَ أنّه إذا ضَرَبَه بها ماسَّتْه.

قال المزني: هذا عندي (٢) خِلافُ قَوْلِه: «لو حَلَفَ ليَفْعَلَنَّ كذا لوَقْتٍ إلّا أن يَشاءَ فُلانٌ، فإن ماتَ أو غَبِيَ عنّا (٣) حتّى مَضَى الوَقْتُ حَنِثَ» (٤)، قال المزني: وكِلا ما يَبَرُّ به شَكٌّ، فكيف لا يَحْنَثُ في أحَدِهما ويَحْنَثُ في الآخَرِ؟ فقِياسُ قَوْلِه عندي (٥) أن لا يَحْنَثَ بالشَّكِّ (٦).


(١) «الضِّغْث»: قبضة من عيدان تجمعها في يدك، وجمعه: «أضغاث»، وهو مقدار ما تقبض عليه اليد. «الزاهر» (ص: ٥٤٩).
(٢) «عندي» من س.
(٣) كذا في ز ب س، وفي ظ: «غبي غباء».
(٤) انظر: المسألة برقم: (٣٥٧٤).
(٥) «عندي» من ز ب وهامش س.
(٦) اختلف الأصحاب في المسألتين، فالمذهب: تقرير النصين، والفرق: أن الضرب سبب ظاهر في الانكباس، والأصح: أنه لا يشترط أن يلاقي جميع القضبان بدنه أو ملبوسه، بل يكفي أن ينكبس بعضها على بعض بحيث يناله ثقل الجميع، ولا يضر كون البعض حائلًا بين بدنه وبين البعض، وفي مسألة المشيئة لا أمارة لها، والأصل عدمها، وقيل: فيهما قولان بالنقل والتخريج، واختيار المزني: يحنث؛ لأن الأصل عدم الإصابة والمشيئة. انظر: «العزيز» (٢١/ ٤٥) و «الروضة» (١١/ ٧٦)، وانظر مسألة المشيئة برقم: (٣٥٧٤).