مالًا جازَتْ فيه شَهادَةُ النِّساءِ مع الرِّجالِ، وما عَدَا ذلك فلا يَجُوزُ فيه إلّا الرِّجالُ، قال الشافعي: وفي قول الله تبارك اسمه: {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان}، وقال عز وجل:{أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى}[البقرة: ٢٨٢] .. دَلالَةٌ على أن لا تَجُوزَ شَهادَةُ النِّساءِ حَيْثُ يَجُزْنَ إلّا مع رجلٍ، ولا يَجُوزُ مِنْهُنّ إلّا امْرأتان فصاعِدًا، وأصْلُ النِّساءِ أنّه قُصِرَ بهنَّ عن أشْياءَ بَلَغَها الرِّجالُ، وأنّهم جُعِلُوا قَوّامِينَ عليهنّ وحُكّامًا ومُجاهِدِين، وأنّ لهم السُّهْمانَ مِنْ الغَنِيمَةِ دُونَهُنَّ، وغَيْرُ ذلك، فالأصْلُ أن لا يُجَزْنَ، فإذا أجِزْنَ في مَوْضِعٍ لم يُعْدَ بهنّ ذلك الموْضِعَ.
(٣٧٤٩) وكيف أجازَهُنّ محمّدُ بنُ الحسَنِ في الطّلاقِ والعِتاقِ ورَدَّهُنَّ في الحدودِ؟ قال الشافعي: وفي إجْماعِهِم على أن لا يُجَزْنَ على الزِّنا ولم يُسْتَثْنَيْن في الإعْوازِ مِنْ الأرْبَعَةِ، دَليلٌ على أن لا يُجَزْنَ في الوَصِيَّةِ إذا لم يُسْتَثْنَيْن في الإعْوازِ مِنْ شاهِدَيْن.
(٣٧٥٠) قال الشافعي: وقال بعض أصحابنا: «إنْ شَهِدَت امْرأتان لرَجُلٍ بمالٍ حَلَفَ مَعَهما»، ولقَدْ خالَفَه عَدَدٌ أحْفَظُ ذلك عنهم مِنْ أهْلِ المدينةِ، وهذا إجازَةُ النِّساءِ بغَيْرِ رَجُلٍ، فيَلْزَمُه أن يُجِيزَ أرْبَعًا فيُعْطِيَ بهنَّ حَقًّا، فإن قال: إنّهما مع يَمِينِ رَجُلٍ .. فيَلْزَمُه أن لا يُجِيزَهما مع يَمِينِ امْرَأةٍ، والحكْمُ فيهما واحِدٌ.
(٣٧٥١) قال الشافعي: وكان القَتْلُ والجِراحُ وشُرْبُ الخَمْرِ والقَذْفُ ممّا لم يُذْكَرْ فيه عَدَدُ الشُّهودِ، فكان ذلك قِياسًا على شاهِدَي الطَّلاقِ وغَيْرِه ممّا وَصَفْتُ.
(٣٧٥٢) قال: ولا يُحِيلُ حُكْمُ الحاكِمِ الأمُورَ عمّا هي عليه، أخْبَرَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه يَقْضِي بالظّاهِرِ، ويَتَوَلَّى اللهُ السَّرائِرَ، فقال: «فمَنْ قَضَيْتُ