اليَمِينِ، ألا تَرَى أنّ الزَّوْجَ لو لم يَلْتَعِنْ حُدَّ بالقَذْفِ ولِتَرْكِ الخرُوجِ منه باليَمِينِ، ولم يَكُنْ على المرْأةِ حَدٌّ ولا لِعانٌ؟ أوَلَا تَرَى أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال للأنْصارِيِّين:«تَحْلِفُون وتَسْتَحِقُّون دَمَ صاحِبِكُم»، فلمّا لم يَحْلِفُوا رَدَّ الأيْمانَ على يَهُودَ ليَبْرَؤوا بها، فلمّا لم يَقْبَلْها الأنْصارِيُّون تَرَكُوا حَقَّهُم؟ أوَلَا تَرَى أنّ عُمَرَ جَعَلَ الأيْمانَ على المدَّعَى عليهم، فلمّا لم يَحْلِفُوا رَدَّها على المدَّعِين؟ وكُلُّ هذا تَحْوِيلُ يَمِينٍ مِنْ مَوْضِعٍ قد بُدِئَتْ فيه إلى الموْضِعِ الذي يُخالِفُه، وقالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «وعلى المدَّعَى عليه اليَمِينُ»، فلا يَجُوزُ أن تكُونَ على مُدَّعًى عليه دُونَ غَيْرِه إلّا بخَبَرٍ لازِمٍ، وهما لَفْظَتان مِنْ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: «البَيِّنَةُ على المدَّعِي، واليَمِينُ على المدَّعَى عليه» مَخْرَجُهما سَواءٌ، فكَيْفَ يَجُوزُ أن يُقالَ: إنْ جاءَ المدَّعِي بالبَيِّنَةِ أخَذَ، وإن لم يَأتِ بها حَدَثَ له حُكْمٌ غَيْرُها، وهو اسْتِحْلافُ مَنْ ادَّعَى عليه، وإنْ جاءَ المدَّعَى عليه باليَمِينِ بَرِئَ، وإن لم يَأتِ بها لَزِمَه ما نكَلَ عنه، ولم يَحْدُثْ له حُكْمٌ غيرُها، وهو رَدُّ اليَمِينِ؛ كما حَدَثَ للمُدَّعِي إن لم يَأتِ بما عليه حُكْمٌ غَيْرُه، وهو اليَمِينُ، وإذْ حَوَّلَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- اليَمِينَ مِنْ حَيْثُ وَضَعَها، فكَيْفَ لم تُحَوِّلْ كما حَوَّلها؟