للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غير المُزَني أن طلاق [السكران المتعدي بسكره] وظهاره واقع كالصاحي، ونقل المُزَني عنه قولًا ثانيًا في القديم أن طلاقه وظهاره لا يقع، فاختلف أصحابنا فيما نقله عنه، فأثبته بعضهم قولًا ثانيًا؛ لثقة المُزَني في روايته وضبطه لنقله، ونفاه الأكثرون وامتنعوا من تخريجه قولًا ثانيًا؛ لأن المُزَني وإن كان ثقة ضابطًا فليس من أصحابه في القديم، ومذهبه في القديم إمَّا أن يكون مأخوذًا من كتبه القديمة، وليس فيها هذا القول، وإمَّا أن يكون منقولًا من أصحاب القديم، وهم: الزعفراني، والكرابيسي، وأبو ثور، وأحمد بن حنبل، والحارث بن سريج النقال، وأبو عبد الرحمن الشافعي، ولم ينقل عن واحد منهم هذا القول، فلا يجوز أن يضاف إليه، ويجوز أن يكون سمعه من بعض أصحاب القديم مذهبًا له فوهم ونسبه إلى الشافعي؛ لأن أبا ثور يرى ذلك مذهبًا لنفسه، فصار مذهبه قولًا واحدًا في الجديد والقديم أن طلاق السكران وظهاره واقع» (١).

قلت: ويجوز أن يكون وجده فيما عنده من الكتب القديمة، أو يكون خرجه على أصل للشافعي في القديم، فالشافعية كما يستخرجون قول الشافعي في المسكوت عنه من قوله في أصله أو شبيهه فكذلك يفعلون في القديم، ولا يخفى أن مرجع هذا إلى الأصلين قبله، وسنتكلم عنه بشيء من التفصيل إن شاء الله.

فهذه الأصول الثلاثة التي إليها يرجع ما قد توجد في كتب المذهب من الأقوال القديمة.


(١) انظر «الحاوي» (١٠/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>