قضاءه، قال إمام الحرمين في:«وهذا المسلك يجري في معظم الأقوال الجديدة بالإضافة إلى القديمة؛ من قِبل أن التعويل في نقض القضاء على مصادفة قضاء القاضي سببًا معلوم بطلانه، وكذلك يجري الجديد مع القديم، فإنه بَنَى أقواله القديمة على اتباع الأثر وتَرْكِ القياس الجليّ، وتحقَّق عنده في الجديد أن ذلك باطل، فبنى نقضَ القضاء على معتقد إصرارٍ مقطوع به»(١).
ونحن لسنا مع إمام الحرمين في دعواه نقض قضاء القاضي بالقديم، ودعواه بأن ذلك مقتضى المذهب إذا خالف الرأي القياس الجليّ غير وارد مطلقًا؛ لأن هذا ليس من باب مخالفة القياس الجليّ ذهابًا إلى عدم الاحتجاج به، وإنما لما عارضه من أقوال الصحابة، وقضاء عمر خاصة في المسألة التي تكلم فيها إمام الحرمين خاصة، والاختلاف في تقديم القياس على قول الصحابي أو العكس ليس في شيء من مخالفة البينات التي ينقض بسببه قضاء القاضي، وإنما أوردت عبارته هذه للتنبيه إليه أولًا، ثم الإشارة إلى أن مقتضى دراسة المذهب الشافعي عدم الاشتغال بالأقوال القديمة التي رجع عنها الإمام، وهذا لا ينبغي الاختلاف فيه.
إلا أنه يشكل عليه أننا نجد الأصحاب يحكون عن الشافعي أقواله القديمة التي رجع عنها، بل ويوجِّهونها ويفرعون عليها، بل إنهم أحيانًا يرجحون القديم على الجديد، فكان لا بد من شرح ذلك وتفصيل القول فيه في ترتيب أسئلة ثلاثة والجواب عنها.
(١) انظر «النهاية» (١٥/ ٢٨٧)، وانظر «المختصَر» (الفقرة: ٢٦٨٦).