للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الترجيح بين أقوال ردد القول فيها وإن كان صرح بترجيحه، وقد أكثر من ذلك المُزَني في «مختصَره» (١).

ثم إن للشافعي في الترجيح بين القولين أو الأقوال في حال الترديد أنحاءً وأوجهًا:

الوجه الأول (٢): أن يذكر القولين أو الأقوال ثم يصرح بما يختاره، وله في ذلك عبارات وأساليب، فقد يقول: «وبه أقول»، أو يقول: «وهذا أصحُّ»، وقد يجمع بينهما فيقول: «وهو أصحُّ وبه أقول»، أو: «وهو أصحُّ القولين وبه أقول»، أو يقول: «هو أشبه»، قال المُزَني (ف: ٢٨٦٨): «الأشبه أولى به»، أو يقول: «أحسن عنده»، وقد قال المُزَني (ف: ٢٢١٣): «الأحْسَنُ أوْلَى به مِنْ الذي لَيْسَ بأحْسَنَ»، وأمثلة ذلك كثيرة لا داعي للإطالة بذكرها.

الوجه الثاني (٣): أن يكون له قول معروف هو مذهبه، ثم يردّد القولين بقصد المحاجَّة وإظهار بطلان ما خالف قوله الذي هو مذهبه، فلا حكم لهذا الترديد ولا ينبغي أن ينسب إلى الشافعي، وقد قال إبراهيم -عليه السلام- أقوال عَبَدة النجوم والكواكب، لا لتخالج ريب استبطنه، بل حجة على كفار قومه ليتبيَّنوا بطلان ما يعبدونه.

وقد يكون المقصود بالإبطال أحد القولين اللذَيْن ردد بينهما، مثل مسألة من جامع امرأته في شهر رمضان فكفر عن جماعه هل يجب عليه قضاء اليوم الذي أفطره أم لا؟ خرجه على قولين، لا لاحتمالهما في الفتيا


(١) انظر على سبيل المثال (الفقرتين: ١٣٣٧، و ١٣٣٨).
(٢) انظر «القواطع» للسمعاني (٥/ ٨٠).
(٣) وهو القسم الأول في «نصرة القولين» لابن القاص (ص: ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>