للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المجتهد الواحد (١)، ومن أمثلته مسألة اتفاق الزوج مع الولي والمرأة على أن المهر كذا، ثم يعلن بأكثر منه، قال في موضع أن المهر السرّ، وفي موضع آخر أنه العلانية، قال المُزَني: «وهذا أوْلَى عندي؛ لأنَّه إنَّما يَنْظُرُ إلى العُقُودِ، وما قَبْلَها وَعْدٌ» (٢)، حمله على اختلاف القولين، والمذهب تنزيل النصين على حالين، فحيث قال: المهر مهر السرّ .. أراد إذا عقد في السرّ بألف، ثم أتوا بلفظ العقد في العلانية بألفين تجملًا، وهم متفقون على بقاء العقد الأول، وحيث قال: المهر مهر العلانية .. أراد إذا تواعدوا أن يكون المهر ألفًا ولم يعقد في السرّ ثم عقدوا في العلانية، فالمهر مهر العلانية؛ لأنه العقد.

وقد نطق على هذا المعنى كتاب الله تعالى فقال: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض} [المائدة: ٣٣]، قال ابن عباس: «إن قَتَل قُتِل، وإن أخذ المال قُطِع، وإن جمع الأمرين قُتِل وصُلِب، وإن كَثَّر وسَوَّر نُفِيَ من الأرض بالطلب، فإن قُدِر عليه حبس»، وكذا السنة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأم عطية في غسل ابنته: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا إن رأيتن ذلك».

فإن قيل: فيستعمل هذا في كل ما يمكن من اختلاف القولين أو لا؟ .. قلنا: يعتبر ذلك في أصول مذهبه، ويوجد ذلك على ثلاثة أضرب:

أحدها: أن يقتضي أصول مذهبه حكمها على اختلاف حالين، فيحمل على اختلاف حالين، ولا يحمل على اختلاف قولين.


(١) انظر القسم السادس في «نصرة القولين» لابن القاص (ص: ١١٧)، والقسم الثالث في «القواطع» للسمعاني (٥/ ٦٦)، والقسم الثاني في «نصرة القولين» للغزالي (ص: ٢٨١).
(٢) انظر «المختصر» للمُزَني (الفقرة: ٢١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>