للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحاكم على أيِّ الناقلين أولى بالحق في المسألة المعيَّنة ثلاثة أمور حسبما ظهر لي من تصرُّف الأصحاب:

أولها - طبقة الراوي في معرفة فقه الإمام وضبطه، فقد ذكرنا أن الزعفراني أثبت رواة القديم، وذكر ابن الصلاح نقلًا عن الخطابي أن ما رواه المُزَني والربيع المرادي مقدم عند أصحابنا على ما رواه حرملة والربيع الجيزي وأشباههما ممن لم يكن قوي الأخذ عن الشافعي (١)، وزاد النووي مع المُزَني والربيع ذكر البُوَيْطي، قال: «ألحقته أنا لكونه أجل من الربيع المرادي والمُزَني، وكتابه مشهور، فيحتاج إلى ذكره» (٢).

وثانيها - الغرابة والتفرُّد بالنقل، وذلك بألا يوجد الرأي المنقول إلا عند الراوي المعين.

وثالثها - مخالفة قياس المذهب وأصوله، بحيث يغلب على الظن احتمال خطأ الناقل، ومع ذلك قلما يتفقون عليه.

ومن أمثلته: نقل المُزَني عن الشافعي أن المولى إذا حُبس لم تحسب عليه المدة زمانَ حبسه وإن مرض حسب عليه زمان مرضه (٣)، ونصّ الشافعي في كتبه جازم بأن مدة حبس الزوج محسوبةٌ مثل زمان المرض، وإنما ذكر منع الاحتساب فيما إذا حبست هي، لا في حبسه، فسقط التاء عن الناقل ومنه سرى الوهم، قال إمام الحرمين: «ولم يصر أحدٌ من الأصحاب إلى تصديق المُزَني في نقل نصِّ الحبس ونصِّ المرض على مناقضته والمصيرِ إلى إجراء القولين بالنقل والتخريج، ولو قال قائل بذلك


(١) انظر «أدب المفتي والمستفتي» لابن الصلاح (ص: ٨٩)، و «معالم السنن» للخطَّابي (١/ ٤).
(٢) انظر «المجموع» للنووي (١/ ١١١).
(٣) انظر «المختصَر» للمُزَني (الفقرة: ٢٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>