للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه طريقة المُزَني، ومن أمثلته: نصّ الشافعي على أنه إذا وقع في المغنم من يَعْتِق على بعض الغانمين إذا ملكه بحكم القرابة فلا نحكم بعتقه عليه قبل القسمة، ونصّ على أن الغانم إذا وطئ جارية المغنم ثبت الاستيلاد، فمن أصحابنا من نقل جواب مسألة العتق إلى الاستيلاد ومسألة الاستيلاد إلى العتق وخرَّجهما على قولين، ومن أصحابنا من أقرَّ النصَّين وفرَّق بين الاستيلاد ونفوذ العتق بحكم القرابة، فقال: الاستيلاد أقوى، ولذلك ينفذ في محل امتناع العتق؛ فإن الأب إذا استولد جارية الابن ثبت الاستيلاد، ولو ملك الابن من يعتق على الأب لم يَعتِق على الابن، وهذا المذهب، قال إمام الحرمين: «واختيار المُزَني أن الجارية لا تصير أم ولد، واحتج بعدم عتق القريب أخذًا من النصّ، وهو لا يرى النقلَ والتخريجَ، ويستشهد بالنصِّ على النصِّ» (١).

ومن أمثلته: نصّ الشافعي في الرجل يقول لابنه: «لست بابني» أنه ليس بقاذف لأمه حتى يسأل، ونصّ في الرجل يقول لابن ملاعنة: «لست بابن فلان» أنه قاذف، واختلف أصحابنا في قول الزوج وقول الأجنبي على طريقين: فمنهم من قال: فيهما قولان نقلًا وتخريجًا: أحدهما - أن اللفظ صريح في القذف، ووجهه جريانُ العرف على الاطِّراد بإرادة القذف بهذا اللفظ، والقول الثاني - أن هذا اللفظ ليس بصريح؛ فإنه ليس فيه تعرُّض للزنا ولا لغيره، وهذا هو الأقيس، ومن أصحابنا من أقرَّ النصين قرارَهما وقال: إن كان القائل أبًا فهذا محتمل منه بتأويل تأديب الابن والتنديد عليه، وإن كان القائل أجنبيًّا ولم يكن أبًا فالمحمل الأظهر - وليس الأجنبي في محل التأديب - القذفُ الصريح، وهذا الطريق هو المذهب، قال إمام


(١) انظر «النهاية» لإمام الحرمين (١٧/ ٥٢٢)، وانظر «المختصَر» للمُزَني (الفقرة: ٣٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>