يُوهمه كلام الأستاذ عبدالعظيم الديب، حيث اتخذ من النظر في تقارب تاريخ نشوء الطريقتين والجمع بينهما دليلًا على عدم أهميتهما الكبير في الفقه الشافعي، وهذا كلام خاطئ جدًّا، فالطريقان وإن اجتمعا من جهة الكتابة والتأليف يستحيل الجمع بينهما من حيث الاجتهاد والتخريج، والقول بأن الجمع بينهما يُنهي قضيتهما أشبه شيء بالقول بأن التأليف في فقه المذاهب الأربعة كفيل بالتوحيد بينها، ومن هنا يجب التنبيه إلى أمرين حاضرين في كتب الجمع بين الطريقتين:
أولهما وأهمُّهما: أن الطريقين بل الطرق على اختلافها المنهجي مهما جمع بينهما في كتب المتقدمين أو المتأخِّرين، والقول باتحادها دليل على عدم فهم المقصود بها.
وثانيهما: أن الجمع بين الطريقين في كتب المتقدمين من أصحابنا لم تفقد صاحبه خصوصية الطريقة التي ينتمي إليها، فهو يبني كتابه على طريقته، ويشفعها بطريقة المخالفين.
ومن أمثلة ذلك السِّنْجِيُّ السابق الذكر أول من جمع بين الطريقتين؛ تفقه على شيخ العراقيين الشيخ أبي حامد ببغداد، وعلى شيخ الخراسانيين أبي بكر القفال بمرو، وهو أخصُّ به، فكتابه على الطريقة الخراسانية مشفوع بالعراقية.
وكذلك إمام الحرمين أبو المعالي عبدالملك بن عبدالله بن يوسف الجُوَيْني (ت ٤٧٨ هـ)، وصاحباه: أبو حامد الغزالي (ت ٥٠٥) وإلكيا الهراسي (ت ٥٠٤)، كلهم على طريقة الخراسانيين، ويشفعونها ببيان طريقة العراقيين.
وعلى عكس هؤلاء: القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر الطبري (ت ٤٥٠ هـ)، وصاحباه الشيخان: أبو إسحاق الشِّيرازي