للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخْبَرَ أنَّ اللهَ مَنَعَ الصُّلْحَ في النِّساءِ»، قال المُزَني: «هذا خِلافُ قَوْلِه في (الرسالة): (لا يُنْسَخُ قُرآنٌ إلَّا بالقُرآنِ، ولا سُنَّةٌ إلَّا بالسُّنَّةِ)».

قال عبدالله: يرد على المُزَني مؤاخذتان: أولاهما - أن الشافعي لم ينكر في الرسالة مطلق نسخ السنة بالقرآن، وإنما قال: «لو نسخت السنة بالقرآن كانت للنبي فيه سنة تبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة»، هذا نصه في «الرسالة» (ص: ١١٠)، وبمثله نقل عنه ابن السُّبْكي في «جمع الجوامع» (١)، ولا شك أن المثال الذي استخرج منه المُزَني لا يرد على نصِّه، ولو فرضنا إطلاق قول الشافعي بمنع النسخ فقد يقال بأن هذا ليس من قبيل النسخ، وإنما هو من باب التخصيص، والنسخ إبطال على مذهب الشافعي، وهذه المؤاخذة الثانية.

وكما أنه لا تعارض بين القرآن والسنة كذلك لا ترد بعض السنن بدعوى مخالفتها للبعض الآخر، قال الشافعي (ف: ١٦٢٥): «إذا سَاقَى على النَّخْلِ أو العِنَبِ بجُزْءٍ مَعْلومٍ .. فهي المساقاةُ التي سَاقَى عليها رسولُ الله، وإذا دَفَعَ إليه أرْضًا بيضاءَ على أن يَزْرَعَها المدْفُوعَةُ إليه فما أخْرَجَ الله تبارك وتعالى منها مِنْ شيءٍ فله جُزْءٌ مَعْلُومٌ .. فهذه المُخابَرَةُ التي نَهَى عنها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم نَرُدَّ إحْدَى سُنَّتَيْه بالأخْرَى».

قال إمام الحرمين: «أشار إلى أن القياسَ التسويةُ بين المساقاة والمزارعة في الجواز والمنع، ولكن السنة فرَّقت بينهما ووردت بتجويز المساقاة وبالمنع من المخابرة» (٢).


(١) انظر «تشنيف المسامع» للزركشي (٢/ ٧٣٩).
(٢) انظر «النهاية» (٨/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>