لو كان غير الله عز وجل الحاكم بين خلقه، فالله يلي الحكم بينهم بعدله بمقدار القائلة في الدنيا، وهو أسرع الحاسبين، كما بدأه لهم من شقاوة وسعادة يومئذ يعودون، فريق في الجنة وفريق في السعير.
وأهل الجنة يومئذ في الجنة يتنعمون، وبصنوف اللذات يتلذَّذون، وبأفضل الكرامة يحبرون، فهم حينئذ إلى ربهم ينظرون، لا يمارون في النظر إليه ولا يشكون، فوجوههم بكرامته ناضرة، وأعينهم بفضله إليه ناظرة، في نعيم دائم مقيم، و {لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين}[الحجر: ٤٨]، {أكلها دائم وظلها، تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار}[الرعد: ٣٥].
وأهل الجَحْد عن ربهم يومئذ محجوبون، وفي النار يسجرون، {لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون}[المائدة: ٨٠]، و {لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور} الآية [فاطر: ٣٦]، خلا من شاء الله من الموحِّدين إخراجَهم منها.
والطاعة لأُولي الأمر فيما كان عند الله - عز وجل - مرضيًّا، واجتناب ما كان مسخطًا، وترك الخروج عند تعدِّيهم وجَوْرهم، والتوبة إلى الله عز وجل كيما يعطف بهم على رعيتهم، والإمساك عن تكفير أهل القبلة، والبراءة منهم فيما أحدثوا، ما لم يبتدعوا ضلالًا، فمن ابتدع منهم ضلالًا كان على أهل القبلة خارجًا، ومن الدين مارقًا، ويتقرَّب إلى الله عز وجل بالبراءة منه، ويهجر ويحتقر وتجتنب غدته، فهي أعدى من غدة الجرب.
ويقال بفضل خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم عمر، فهما وزيرا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضجيعاه، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عنهم أجمعين، ثم الباقين من العشرة الذين أوجب لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجنة، ونخلص