للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٢) قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} [الفرقان: ٤٨] (١)، ورُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في البحر: «هو الطهورُ ماؤه، الحِلُّ مَيْتَتُه (٢)».

(٣) قال الشافعي: فكلُّ ماءٍ، من بَحْرٍ، عَذْبٍ أو مالِحٍ (٣)، أو بِئرٍ، أو سَماءٍ، أو بَرَدٍ، أو ثَلْجٍ، مسخَّنٍ أو غيرِ مسخَّنٍ .. فسواءٌ، والتطهيرُ به جائزٌ.

(٤) ولا أكره الماءَ المشَمَّسَ إلا من جهة الطب؛ لكراهيةِ عُمَرَ ذلك وقولِه: «إنّه يورث البَرَصَ».

(٥) وما عدا ذلك (٤)، مِنْ ماءِ وَرْدٍ، أو شَجَرٍ، أو عَرَقٍ (٥)، أو ماءِ


(١) «الطَّهُورُ»: جاء على مثال (فَعُول)، و (فَعُول) في كلام العرب ربَّما كان اسمًا؛ كقَوْلِنا: «سَحُور»، وربما كان نعتًا، فإذا كان كذلك كان على ضَرْبَيْن: نَعْتٌ لا يَتَعَدَّى مِنْ المَنْعوتِ إلى غيره، كقولنا: «نَؤوم»، ونَعْتٌ يتعدَّى، كقولِنا: «قَؤول»، وكذلك «الطَّهُور» من المياه: ما يتطهر به أو يطهر به ثوب وغيره، ومن هنا علم أنه طاهر في ذاته مطهِّر لغيره، والطاهر: الذي طهر بنفسه وإن لم يطهِّر غيرَه. «الزاهر» (ص: ٩٦) و «الحلية» (ص: ٣٣).
(٢) «المَيْتَة» بفتح الميم: ما مات، وأما «المِيتَةُ» بكسر الميم فهو المَوْتُ نفسُه، والحديثُ بفتح الميم لا غيرُ، لأنه يريد الذي يموت في البحر مما عَيْشُه فيه. «الحلية» (ص: ٣٤).
(٣) قال ابن فارس في «الحلية» (ص: ٣٤): «ليست «المالحُ» لَفْظَةَ الشافِعِيِّ، وإنما ذكَرَ الشافِعِيُّ «الْأُجاجَ»، و «المالحُ» في صِفَةِ الماءِ لفظةٌ ليست بالجَيِّدَةِ، إنما يُقال: (ماءٌ مِلْحٌ)»، ونقل البيهقي في «رسالته إلى أبي محمد الجويني» (ص: ٧٢) عن كتاب «المحيط» له أن أكثر أصحاب الشافعي يغلِّطون المزنيَّ في نقله هذه اللفظةَ عن الشافعي، ثم تعقبه البيهقي وأثبته عن الشافعي في كتابيه «أمالي الحج» و «المناسك الكبير»، قال ابن فارس: «على أن من أهلِ العلم مَنْ قد أجاز ذلك، احْتَجَّ بِقَوْلِ القائل وهو شعر قديم:
ولو تفَلَتْ في البحرِ والبحرُ مالِحٌ .... لَأَصْبَحَ ماءُ البحرِ من ريقِها عَذْبَا».
وانظر كتاب «الرد على الانتقاد على الشافعي في اللغة» للبيهقي (ص: ٣١).
(٤) «ما عدا ذلك»: ما جاوز ذلك، والعرب تستثنى بـ «ما عدا» و «ما خلا» فتنصب بهما، فإذا حذفوا منهما «ما» خفضوا وفتحوا؛ كقولهم: (جاءني القوم عدا زيدٍ) و (عدا زيدًا)، و (خلا زيدٍ) و (خلا زيدًا). «الزاهر» (ص: ٩٨).
(٥) «العَرَق»: قال النووي في «المجموع» (١/ ١٤٥): «اختلف أصحابنا في ضبط قوله: (عرق)، فقيل: هو بفتح العين والراء، وهو عرق الحيوان، وقيل: بفتح العين وإسكان الراء، وهو المعتصر من كَرِش البعير، وقد نص على هذا في «الأم»، وقيل: بكسر العين وإسكان الراء، وهو عرق الشجر، أي: المعتصر منه»، قال: «والأول: أصح، والثالث: ضعيف؛ لأنه عطفه على الشجر، والثاني: فيه بعد؛ لأنه نجس، لا يخفى امتناع الطهارة به، فلا يحتاج إلى بيان».