للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقول وقال له رجل: يا أبا إبراهيم، إن فلانًا يبغضك، قال: ليس في قربه أُنْسٌ، ولا في بُعده وَحشة» (١).

وقال أبو عمر بن عبد البَرِّ: «حدثنا أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد، قال: نا أبو القاسم عبيدالله بن عمر بن أحمد الشافعي بالزهراء، قال: كان فيما حدثنا شيوخنا من أهل مصر بمصر رجل صالح يقولون إنه من الأبدال، فرأى في النوم رؤيا، فأصبح فوقف في جامع مصر وصاح: يا أهل مصر اجتمعوا إليَّ، فاجتمع إليه الناس فقالوا: ما نزل بك يا فلان، قال: أنتم على خطأ كلكم فاستغفروا الله وتوبوا إليه، قالوا: مم ذا؟ قال: نعم، رأيت فيما يرى النائم كأني في مسجدكم هذا، وكأن القناديل كلها قد أُطفئت إلا قنديلًا واحدًا عند بعض هذه الأعمدة التي كان يجلس إليها المُزَني صاحب الشافعي، تعالوا حتى أريكم إياه، فوقفهم على العمود الذي كان يجلس إليه المُزَني، فتوافى الناس إليه واستحبُّوه وعَظُمَت حلقته حتى أخذت أكثر الجامع، وزال ما في قلوب الناس من التهمة له» (٢).

وكثر إقبال الناس على المُزَني وأخذهم عنه بعد ذلك، حتى إن كثرة تلاميذه شغله عن بعض أعماله التي كان يقوم بها، فنذر نفسه لهم وجعل نشر العلم عبادته وطريقه إلى الله تعالى، قال يوسف بن عبدالأحد القُمِّي: «إن أبا إبراهيم المُزَني عَبَدَ الله كذا وكذا سنة عبادة منتظر، وكان يُصلِّي بحضرة أصحابه وهم يتناظرون، فإذا أشكل عليهم مسألة انتظروا سلامه، فإذا سلَّم سألوه، فقالوا: يا أبا إبراهيم، إن اشتغالك بتعليمنا أفضل لك من


(١) أخرجه البَيْهَقي في «المناقب» (٢/ ٣٥٥).
(٢) انظر «الانتقاء» (١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>