للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٢١) قال الشافعي: فإذا جاوز أربعًا لحاجةٍ أو مرضٍ، وهو عازمٌ على الخروجِ .. أتَمَّ، فإنْ قَصَر أعادَ، إلّا أن يكون في خَوْفٍ أو حَرْبٍ فيَقْصُر، قصَر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عامَ الفتحِ لحربِ هَوازِنَ سبعَ عشْرَةَ أو ثمانيَ عشْرَةَ.

وقال في «الإملاء»: «إنْ أقام على شيءٍ يَنْجَحُ اليومَ واليومين أنّه لا يَزالُ يَقْصُرُ ما لم يُجْمِعْ مُكْثًا، أقام رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بمكةَ عامَ الفتحِ سبعَ عشْرَةَ أو ثمانيَ عشْرَةَ يَقْصُرُ حتّى خَرَج إلى حُنَيْن»، قال المزني: ومشهورٌ عن ابنِ عمرَ أنّه أقام بأذْرَبِيجانَ ستةَ أشهرٍ يَقْصُرُ الصلاةَ، يقولُ: «أخْرُجُ اليومَ، أخْرُجُ غدًا»، قال المزني: فإذا قَصَر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في حَرْبِه سبعَ عشْرَةَ أو ثمانيَ عشْرَةَ، ثُمّ ابنُ عمرَ، ولا عَزْمَ على وقتِ إقامةٍ .. فالحربُ وغيرُه عندي (١) في القياسِ سواءٌ، وقد قال الشافعيّ: «لو قالَه قائلٌ كان (٢) مذْهَبًا» (٣).

(٣٢٢) قال الشافعي: وإنْ خَرَجَ في آخرِ وَقْتِ الصلاةِ قَصَرَ، وإنْ كان بعد الوقتِ لم يَقْصُرْ.


(١) كلمة «عندي» من ز ب، ولا وجود لها في ظ س.
(٢) في ظ: «لكان».
(٣) صرح المزني بأن العبرة في الحكم انتظار النجح، ولا عزم على وقت إقامة، ولا أثر للحرب والخوف فيه، وعكس آخرون، فجعلوا العبرة في الحكم بحالة الحرب والخوف فخصوه بالحكم، وهاتان طريقتان عند الأصحاب، فإذا عرض له شغل في بلدة أو قرية كالتفقه والتجارة الكثيرة ونحوهما فأقام له، وهو يرجو فراغ شغله ساعة فساعة، ويعتزم الارتحال عند فراغه، فله القصر إلى أربعة أيام قولًا واحدًا، وأما بعد ذلك .. فعلى طريقة العبرة بانتظار النُّجْح مع عزم السفر - وهو المذهب الصحيح - فيه ثلاثة أقوال: أحدها: يجوز القصر أبدًا، وهذا اختيار المزني، والثاني: لا يجوز القصر أصلًا، والثالث - وهو الأظهر -: يجوز ثمانية عشر أو سبعة عشر يومًا فقط، وسواء في ذلك المقيم على القتال أو الخوف من القتال والمقيم لتجارة وغيرهما، وعلى الطريقة الثانية: هذه الأقوال في المحارب، ويقطع بالمنع في غيره. انظر: «العزيز» (٣/ ١٩٢) و «الروضة» (١/ ٣٨٥).