للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأُولَى بنِيَّةِ الجمعِ»، واحْتَجَّ الشافعيّ بأنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- جَمَعَ بالمدينةِ مِنْ غير خوفٍ ولا سفرٍ، قال مالكٌ: «أرَى ذلك في مطرٍ»، قال الشافعي: «والسُّنَّةُ في المطرِ كالسُّنَّة في السفرِ».

قال المزني: القياسُ عندي إنْ سَلَّم ولم يَنْوِ الجمعَ، فجَمَعَ في قُرْبِ ما سَلَّم بقَدْرِ ما لو أرادَ الجمعَ كان ذلك فَصْلًا قَرِيبًا بينهما .. أنَّ له الجمعُ؛ لأنّه لا يكون جَمْعُ صلاتين (١) إلّا وبيْنَهما انْفِصالٌ، فكَذلك كلُّ جَمْعٍ، وكذلك مَنْ سها فسَلَّم مِنْ اثنَتَيْن فلم يَطُل فَصْلُ ما بيْنَهُما، أنّه (٢) يُتِمّ كما أتمَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وقد فَصَلَ، ولم يَكُنْ ذلك قَطْعًا لاتصالِ الصلاةِ في الحكمِ، فكذلك عندي اتصالُ جَمْعِ الصلاتين أن لا يكون في التفريقِ بينهما إلا مِقْدارُ ما لا يَطُولُ (٣).


(١) كذا في ظ، وفي ب س: «جمع الصلاتين»، وفي ز: «جمع بين الصلاتين».
(٢) كذا في ز ب س، وفي ظ: «أن له أن يتم».
(٣) اختلف الأصحاب في النصين على طريقتين: إحداهما - تقرير النصين، والفرق: أن نية الجمع ينبغي أن تقارن سبب الجمع؛ وداوم السفر في الصلاة الأولى شرط، فيجمعها وقت النية، وأما المطر فلا يشترط دوامه في الأولى، ويتشرط في أولها، فتعين وقتًا للنية، وأصحهما وبه قال المزني -: أن فيهما قولين نقلًا وتخريجًا: أحدهما - أنها شرط في الفصلين عند التحرم كنية القصر، وأظهرهما - أنها لو وقعت في أثنائها جاز أيضًا، وتفارق نية القصر؛ لأنها لو تأخرت لتأدى بعض الصلاة على التمام، وحينئذٍ يمتنع القصر، وفي المسألة قول ثالث من تخريج المزني - أنه يجوز إيقاع نية الجمع بعد الفراغ من الظهر وقبل التحرم بالعصر على قرب؛ كما لو سلم من اثنتين وقرب الوقت يبني، قال إمام الحرمين: «وقَبِل الأئمة هذا التخريج على هذه الطريقة». كذا قال، لكن ظاهر كلام المزني هنا عدم اشتراط النية مطلقًا، وليس ذلك على أصول الشافعي. وانظر: «النهاية» (٢/ ٤٦٨) و «العزيز» (٣/ ٢٣٧) و «الروضة» (١/ ٣٩٦) و «المنهاج» (ص: ١٣١) و «المجموع» (٤/ ٢٥٤).