للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا يُثْبته أهلُ الحديثِ: أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- حين قَدِم المدينةَ جَمَّع بأربعين رجلًا، وعن (١) عبيدالله بن عبدالله أنه قال: «كلُّ قريةٍ فيها أربعون رجلًا فعليهم الجمعةُ»، ومثلُه عن عمر بن عبدالعزيز (٢).

(٣٣٩) قال الشافعي: فإنْ خَطَب بهم وهم أربعون، ثم انْفَضُّوا عنْه (٣)، ثم رَجَعُوا مكانَهُم .. صَلَّوُا الجمعةَ، وإن لم يَعُودوا حتّى يتباعد (٤) .. أحْبَبْتُ أن يبْتَدِئ خُطْبَتَه (٥)، فإن لم يَفْعَل .. صلّاها بهم ظُهْرًا (٦)، وإن


(١) كذا في النسخ، واستدرك في هامش س: «قال المزني: وروي عن عبيد … »، وأراه خطأ؛ لإيهامه أن الرواية من زيادات المزني، وهي ثابتة عن الشافعي، والله أعلم.
(٢) قال إمام الحرمين في «النهاية» (٢/ ٤٨١): «وحكى صاحب «التلخيص» قولًا عن القديم أن الجمعة تصح ابتداء من ثلاثة والإمام ثالثهم، وقد بحث الأئمة عن كتب الشافعي في القديم فلم يجدوا هذا القول أصلًا، فردّوه».
(٣) «انفضوا عنه»؛ أي: تفرقوا، وأصله من «فضضت الشيء»: إذا دَقَقْتَه وكَسَرْتَه، و «الفَضيض»: الماء السائل. «الزاهر» (١٩١) و «الحلية» (٨٦).
(٤) كذا في ظ ب س، وفي ز: «يتباعدوا»، والمراد بالتباعد: طول الفصل؛ كما أن المراد بقوله: «رجعوا مكانهم»: يسير الفصل.
(٥) كذا في ظ، وفي ز ب س: «خطبة» بدون هاء، وأصل «الخطبة» من المخاطبة، ولا تكون المخاطبة إلا بالكلام بين المخاطبين، وقال قوم: إنما سميت «الخطبة»؛ لأنهم كانوا لا يجعلونها إلا في الخَطْب والأمر العظيم. «الحلية» (٨٧).
(٦) وقوله: «أحببتُ» أثار خلافًا بين الأصحاب ..
فقال ابن سريج: يجب عليه الإعادة، ووجهه: أن ذلك ما تصح به الجمعة، فعليه التسبب إليه والسعي في تحصيله، وهذا هو الأصح واختيار القفال والأكثرين، قالوا: «ولفظ الشافعي -رضي الله عنه-: «أوجبت»، وأما «أحببت» فهو تصحيف من الناقل أو وهم، وربما حملوا «أحببت» على «أوجبت» وقالوا: كل واجب محبوب؛ كما أن كل محرَّم مكروه، ولذلك يُطلق لفظ الكراهة ويراد به التحريم».
وقال أبو إسحاق: لا تجب إعادة الخطبة، لكن يستحب، وتجب الجمعة، أما الأول فلأنهم قد يَنفضُّون ثانيًا فيعذر في ترك إعادتها، وأما الثاني فللقدرة على إقامتها.
وقال أبو علي صاحب «الإفصاح»: لا تجب إعادة الخطبة ولا الجمعة، ويستحبان، على ما يدل عليه ظاهر النص.
ثم إن هذا القول مبني على وجوب الموالاة في الخطبة، وهو الأظهر، وللشافعي قول آخر بعدم وجوبها، وعليه فيبني ولا يعيد، وعزاه بعضهم إلى القديم.
انظر: «النهاية» (٢/ ٤٨٣) و «العزيز» (٣/ ٢٧١) و «الروضة» (٢/ ٨).