للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا ما ذهب إليه ابن السُّبْكي فلا أراه إلا خطأً، ومَرَدُّه - والله أعلم - إلى أنه اطلع للمزني على كتاب «نهاية الاختصار» فزاده على ثبت الشِّيرازي، وحمل كتاب «مختصَر المختصَر» على «المختصر» المتداول، وقد ذكر الروياني: «أن المُزَني اختصر من علم الشافعي كتابًا سماه: (الجامع الكبير)، ثم اختصر منه (الجامع المختصر) الذي يتداوله أصحاب الشافعي ويتدارسونه» (١)، وهذا دليل على أن المختصَر المتداول إنما اختصر عن «الجامع الكبير» مباشرة، ليس بينهما واسطة.

وبناءً عليه فكتاب «الجامع الكبير» أصل كتبه الثلاثة، وهو عين كتاب «المختصَر الكبير» في نحو ألف ورقة عند ابن عبدالبَرِّ، وقد تداول أصحابنا الشافعية هذا الكتاب ونقلوا عنه الكثير في شروحهم على «المختصَر»، ويلاحظ على القاضي الحسين نَفْي وجوده في بلاد خُراسان، لكن حمزة بن يوسف السّهمي (ت ٤٢٧ هـ) قال: «سمعت أبا بكر بن عبدان [ت ٣٨٨ هـ] يقول: قدم علينا شيراز أبو الحسن علي بن الحسن الجرجاني وكان عنده (جامع الكبير) للمُزَني» (٢)، وذكر السُّبْكي أن الإمام الكبير أبا أحمد محمد بن سعيد بن محمد بن عبدالله بن أبي القاضي (ت ٣٤٠ هـ) من تلامذة أبي إسحاق المروزي وأبي بكر الصيرفي وطبقتهما .. صنَّف في الفروع «كتاب الحاوي»، قال السُّبْكي: «بناه على (الجامع الكبير) لأبي إبراهيم المُزَني»، قال: «ومنه أخذ الماوردي اسم كتابه» (٣)، قلت: وربما أخذ منه منهجه أيضًا، فالماوردي كثير الاستشهاد بالجامع الكبير للمُزَني، والله أعلم.


(١) انظر «بحر المذهب» للروياني (١/ ٢٥).
(٢) انظر «تاريخ جرجان» للسَّهْمي (ص: ٣١٧).
(٣) انظر «الطبقات» لابن السُّبْكي (٣/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>