للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١٠١٣) قال: والرِّبا مِنْ وجهين؛ أحدهما: في النَّقْدِ بالزِّيادة في الوَزْنِ والكَيْلِ (١)، والآخَرُ: يَكُونُ في الدَّيْنِ بزِيادَةِ الأجَلِ.

(١٠١٤) قال: وإنّما حَرَّمْنا غَيْرَ ما سَمَّى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مِنْ المأكولِ المَكِيلِ أو الموْزُونِ؛ لأنّه في معنى ما سَمَّى، ولم يَجُزْ أن نَقِيسَ الوَزْنَ على الوَزْنِ مِنْ الذهبِ والوَرِقِ؛ لأنّهما غيرُ مَأكُولَيْنِ ومُبايِنان لِما سِواهما، وهكذا قال ابنُ المسيّب: «لا رِبا إلّا في ذَهَبٍ أو وَرِقٍ، أو ما يُكالُ أو يُوزَنُ مما يُؤكَلُ ويُشْرَبُ»، قال: وهذا صحيحٌ (٢)، ولو قِسْنا الوَزْنَ عليهما لَزِمَنا أن لا نُسْلِمَ دِينارًا في مَوْزونٍ مِنْ طعامٍ؛ كما لا يَجُوز أن نُسْلِمَ دينارًا في مَوْزُونٍ مِنْ وَرِقٍ، ولا أعْلَمُ بين المسلمين اختلافًا أنّ (٣) الدينارَ والدرهمَ يُسْلَمان في كُلِّ شيءٍ، ولا يُسْلَمُ أحدُهما في الآخَرِ، غيرَ أنّ مِنْ الناسِ مَنْ كَرِهَ أن يُسْلِمَ دينارًا أو دراهمَ في فُلوسٍ، وهو عندنا جائزٌ؛ لأنّه لا زكاةَ فيها ولا في تِبْرِها (٤)، ولأنّها (٥) ليستْ بثَمَنٍ للأشياء المتْلَفَةِ، وإنّما أنْظُرُ في التِّبْرِ إلى أصْلِه، والنُّحاسُ ما لا رِبا فيه، وقد أجاز عَدَدٌ - منهم إبراهيمُ النَّخَعي - السَّلَفَ في الفُلوسِ، قال: وكيف يكون مَضْرُوبُ الذَّهبِ دنانيرَ ومَضْروبُ الوَرِقِ دَراهمَ في معنى الذَّهبِ والوَرِقِ غيرَ مَضْروبَيْن، ولا يكون مَضْرُوبُ النُّحاسِ فُلوسًا في معنى النُّحاسِ غيرَ مَضْروبٍ؟!


(١) كذا في ظ ز س، وفي ب: «وفي الوزن والكيل» بالواو.
(٢) قول سعيد بن المسيب هو مذهب الشافعي في القديم، ويعبر عنه بأن العلة: الطعم مع الكيل أو الوزن، وقال في الجديد: إن العلة الطعم فقط. انظر: «العزيز» (٥/ ٤٤٠).
(٣) من ز ب س، وفي ظ: «لأن».
(٤) «التِّبر» من الدراهم والدنانير: ما كان غير مصوغ ولا مضروب، وكذلك من النحاس وسائر الجواهر ما كان كُسارًا رُفاتًا غير مصنوع آنيةً ولا مضروب فلوسًا، وأصل التبر من قولك: «تبرت الشيءَ»؛ أي: كسرته جذاذًا. «الزاهر» (ص: ٢٩٦).
(٥) كذا في ظ، وفي ز ب س: «وأنها».