ثم إنه ألحق بهامش س مصححًا: «قال المزني: وقولُه: (يكون التدليس محرمًا، وما أخذ من ثمنه محرَّمًا) .. يوجب أن يكون البيع باطلًا؛ لأن المثمن أو الثمن الحرام يوجب بطلان البيع». قال عبدالله: إذا تقرر هذا فإن المزني تأول كلام الشافعي فيما قصد به مالكًا في إبطاله البيع بظهور الخيانة - وهو قوله: (لأنه لم ينعقد على محرم عليهما معًا، وإنما وقع محرمًا على الخائن منهما) - فحمله على أن الشافعي أراد به: تحريم الثمن على أحدهما، وقال المزني: لو كان الثمن حرامًا وقت العقد لكان البيع فاسدًا، وإنما يحرم السبب - وهو الخيانة - دون الثمن، وسيأتي تقرير نحوه في «باب بيعتين في بيعة» (الفقرة: ١١٤١). قال الروياني في «البحر» (٤/ ٥٧٣): «أجاب أصحابنا عن هذا بأن مراد الشافعي تحريم فعل التدليس واكتساب الثمن به». وقال الإمام أبو محمد الجويني: «ليس هذا بإنصاف للمزني؛ لأن الشافعي قال: (فيكون التدليس محرمًا)، فأفادنا تحريم هذا الفعل، ثم زاد فقال: (وما أخذ من ثمنه محرمًا)، فلا بد من زيادة». وأجاب الماوردي في «الحاوي» (٥/ ٢٨٦) بأن الشافعي لم يُرِد تحريم الثمن في عينه كما توهم المزني، وإنما أراد تحريم السبب، وهو التدليس والخيانة، فكان التحريم راجعًا إلى فعل العاقد دون العقد، والتحريم إذا رجع إلى العاقد دون العقد لم يبطل العقد، فعبر الشافعي عن تحريم الفعل بتحريم الثمن؛ لأنه لما كان مأخوذًا عن سبب محرم جاز أن يعبر عنه بأنه محرم.