للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعد جمع استقرائي لكتب الشافعي الكثيرة، ثم تفهم للمجموع وتفسير له، ثم تطلع إلى الأصول التي بنى عليها الشافعي، ومن ثم التعبير عن فقهه بأقرب لفظ وأدقِّ عبارة، «وفي نظم كلام الشافعي تعقيد لا يطَّلع عليه إلا من جمع إلى فهمه أوفر حظّ من اللغة» كما قال إمام الحرمين (١)، فلم يكن بُدٌّ من التهذيب والتدقيق على مدار السِّنِي العشرين، بل مع كل رجوع للكتاب ومع كل درس وتسميع له.

ولمَّا تمَّ له ما أراد من تأليفه على أحسن نظم ثم من تهذيبه وتدقيقه كان هو أول المعجبين بترصيفه، فقال يوسف بن عبدالأحد القُمِّي: سمعت المُزَني يقول: «لو أدركني الشافعي لسمع مني هذا المختصَر» (٢).

وقد يقال بأن المُزَني يغبط البُوَيْطي على أنه أسمع الشافعي مختصَره في حياته كما يُرْوَى عنه، لكني لا أجد ما يكفي لتصحيح تلك الرواية عنه، وكل ما في الأمر أن الربيع روى «مختصَر البُوَيْطي» عن الشافعي مباشرة، دون ذكر للبُوَيْطي في سنده، فقال الشيخ تقي الدين ابن الصلاح: «وأظن هذا أو نحوه هو الذي أوقع الحاكم أبا عبدالله الحافظ في أن قال: والذي أراه الحق ما رأيته عن علي بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي مطر القاضي الإسكندري قال: صنَّف أبو يعقوب البُوَيْطي هذا الكتاب وقرأه على الشافعي بحضرة الربيع بن سليمان، فحصل سماعًا للربيع وأخبرنا به عن الشافعي -رضي الله عنه-» (٣).


(١) انظر «النهاية» (١٣/ ٦٥).
(٢) أخرجه البَيْهَقي في «المناقب» (٢/ ٣٤٥).
(٣) انظر «طبقات الفقهاء الشافعية» لابن الصلاح (٢/ ٦٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>