للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فمَن قال: ذَهَبَ درهمُ المرتهنِ بالخاتمِ، زَعَمَ أنّ غُرْمَه على المرتهنِ؛ لأنّ درهمَه ذَهَبَ، وكان الراهنُ بريئًا مِنْ غُرْمِه؛ لأنّه قد أخَذَ ثَمَنَه مِنْ المرتهنِ، ولم يَغْرَم له شيئًا، وأحال ما جاء عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يغلق الرهن»؛ أي (١): لا يَسْتَحِقُّه المرتهنُ، بأن يَدَعَ الراهنُ قضاءَه حَقَّه عند مَحِلِّه (٢)، قال: ومِلْكُ الرهنِ لرَبِّه، والمرتهنُ غيرُ مُتَعَدٍّ بأخْذِه، ولا مُخاطِرٍ بارتهانِه؛ لأنّه لو كان إذا هَلَكَ بَطَلَ مالُه كان مُخاطِرًا بمالِه، وإنّما جَعَلَه اللهُ وَثيقةً له، ولكان خيرًا له تَرْكُ الارتهانِ، بأن يَكُونَ مالُه مضمونًا في جميعِ مالِ غَريمِه.

(١٣٢٣) وما ظَهَرَ هلاكُه وخَفِيَ سواءٌ، لا يَضْمَنُ المرتهنُ ولا الموضوعُ على يَدَيْه مِنْ الرهنِ شيئًا، إلّا فيما يَضْمَنانِ فيه مِنْ الوديعةِ بالتَّعَدِّي، فإنْ قَضاهُ ما في الرهنِ ثُمَّ سَألَه الرهنَ فحَبَسَه عنه وهو يُمْكِنُه .. فهو ضامنٌ.


(١) «أي» من ز، ولا وجود له في سائر النسخ.
(٢) قال الأزهري في «الزاهر» (ص: ٣٢٢): هذا كما قال الشافعي -رحمه الله- في العربية، ومعنى «لا يَغْلَق»: لا ينغلق ولا يُستَغْلَقُ، فلا يفك؛ أي: لا يطلق من الرهن بعد ذلك، يقال: «غَلَّقَ البابَ، وانغَلَقَ، واستَغْلَقَ»: إذا عسر فتحه، و «أغلقته أنا وغَلَّقْتُه»، والغَلْق في الرهن: ضد الفك، فإذا فك الراهن الرهن فقد أطلقه من وثاقه عند مرتهنه، وليس للمرتهن أن يستحق الرهن لتفريط الراهن في فكه، ولكنه يكون وثيقة في يده إلى أن يفكه، وجاء في الحديث: «لا طلاق في إغلاق»، معنى الإغلاق: الإكراه؛ كأنه إذا ضيق على الزوج أمره اضطر إلى تطليق امرأته، فقد أغلق عليه باب المخرج مما ألجئ إليه، فوضع «الإغلاق» موضع «الإكراه»، كالرجل يُغلَق على محبسه فلا يجد سبيلًا إلى التخلص منه». وانظر: «الحلية» (ص: ١٤١).