(تفهم) يريد به الشافعي، وكل موضع يقول فيه:(فافهم) يريد به أصحاب الشافعي» (١).
قلت: الظاهر أنه يريد بالكلمتين أصحاب الشافعي من تلاميذه، ويدل عليه قوله في بعض المواضع (ف: ٢٢٦٩): «فتَفَهَّم يرْحَمُك اللهُ»، ونحوه (ف: ٣٩٩٢): «فتَفَهَّمْ رحمك الله»، فظاهر هذا خطاب لشخص أمامه حال الدرس، ويقطع الشك باليقين قوله في موضع آخر (ف: ١١٣٦): «فتفهم ولا تغلط عليه»، فلا شك أنه أراد: لا تغلط على الشافعي، ولهذا لا أرى للكلمتين دلالة إلا على دقة المادة المطروحة، وشيء آخر، أن المُزَني لا يريد من السامع أن يأخذ كلامه واجتهاده تلقِّيًا مجردًا وتسليمًا له، فيحثه على النظر فيه والاجتهاد مثلما اجتهد هو، ويدل عليه قوله (ف: ١٨٤٦): «فتَفَهَّمْه كذلك تَجِدْه إن شاء الله»، وقوله (ف: ٢٧٧٨): «فتَفَهَّمُوه كذلك تَجِدُوه إن شاء الله»، وقال في «كتاب الأمر والنهي»(ف: ٢١): «فتفهمه ولا تقلِّد مَنْ وضعَه».
وبما أن المُزَني يأتي بنصوص الشافعي في كتبه ففيه بعض اصطلاحات الشافعي نفسه أيضا، ومنها اصطلاحه في النقل المبهم لآراء الفقهاء، فيقول:«قال بعض أصحابنا» أو: «قال بعض الناس»، أخرج أبو محمد عبدالرحمن بن حاتم في «آداب الشافعي»(ص: ١٥٥) عن أبيه عن الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي: «إذا قلت: (قال بعض أصحابنا) فهم أهل المدينة، وإذا قلت:(قال بعض الناس) فهم أهل العراق»، وقال الماوردي:
(١) انظر «الحاوي» (٢/ ٨٣)، وقد وقع في مطبوعته خطأ صحَّحته بمراجعة مخطوطته في المكتبة الظاهرية الجزء الثاني (ص: ٦٠).