للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أخِذَ منه ما سَرَقَ للآدَمِيِّين، فإنْ لم يُوجَدْ فقِيمَتُه؛ لأنّي لا أجِدُ أحَدًا ضَمِنَ مالًا بعَيْنِه بغَصْبٍ أو عُدْوانٍ فيَفُوتَ إلّا ضَمِنَ قيمتَه، ولا أجِدُ مُوسِرًا في ذلك مخالفًا لمعْسِرٍ، وفي المغْتَصَبَة حُكْمان: أحدُهما لله تبارك اسْمُه، والآخَرُ للمُغْتَصَبَةِ بالمسِيسِ الذي العِوَضُ منه المهرُ، فأُثْبِتُ ذلك والحَدَّ على المغْتَصِبِ؛ كما أُثْبِتُ الحَدَّ والغُرْمَ على السارقِ.

(١٥٣٩) قال: ولو غَصَبَ أرْضًا فغَرَسَها، قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس لعِرْقِ ظالمٍ حَقٌّ» (١) .. فعليه أن يَقْلَعَ غَرْسَه، ورَدَّ ما نَقَصَت الأرضَ.

(١٥٤٠) قال الشافعي: ولو حَفَرَ فيها بِئرًا فأراد الغاصبُ دَفْنَها .. فذلك له وإن لم يَنْفَعْه، وكذلك لو زَوَّقَ دارًا كان له نَزْعُ التزويقِ حتّى يَرُدَّ ذلك بحالِه (٢)، وكذلك لو نَقَلَ عنها تُرابًا كان له أن يَرُدَّ ما نَقَلَ عنها، حتّى يُوَفِّيَه إيّاها بالحالِ التي أخَذَها.

قال المزني: قلت أنا (٣): غيرُ هذا أشْبَهُ بقولِه؛ لأنّه يَقُولُ: «لو غَصَبَ غَزْلًا فنَسَجَه ثَوْبًا، أو نُقْرَةً فطَبَعَها دنانيرَ، أو طِينًا فضَرَبَه لَبِنًا .. فهذا أثَرٌ، لا عَيْنٌ، ومنفعتُه للمغصوبِ، لا حَقَّ في ذلك للغاصبِ»، فكذلك نَقْلُ الترابِ عن الأرضِ. والبئرُ إذا لم تُبْنَ بطُوبٍ أثَرٌ لا عَيْنٌ (٤)، ومنفعتُه


(١) «العرق الظالم»: أن يجيء الرجل إلى أرض رجل، فيغرس فيها غراسًا ليستحقها أو يستغلها، فتقوم البينة لمالكها بصحة الملك، فيؤمر الغارس بقلع غراسه، وليس لعروق تلك الغراس حق في الأرض؛ لأن الغارس كان ظالمًا، وإذا كان ظالمًا فعرق ما غرس ظالم. وأصل الظلم: وضع الشيء في غير موضعه. «الزاهر» (ص: ٣٣٩) و «الحلية» (ص: ١٥١).
(٢) «التزويق»: التزيين بالطين والحصى وغيرهما، وهذا مأخوذ من الزاووق، وهو الزئبق، ويستعمل في تزيين البناء. «الزاهر» (ص: ٣٣٩).
(٣) «قلت أنا» من ب.
(٤) «الطوب»: الآجر بلغة أهل مصر، واحدتها: طوبة، قال الأزهري في «الزاهر» (ص: ٣٣٩): «وأراها قبطية معربة».