ولكن لكثرة ورع المُزَني وفقره بارك الله تعالى في كتابه، وكان يدرس هذا المختصَر، وكان الفقهاء يتداولونه إلى قيام الساعة» (١).
وعجبي من القاضي الحسين كيف حكم بـ «كان» على عمل الفقهاء فيما سيكون إلى قيام الساعة، وكأنه نظر إلى المستقبل بعين القياس على الحاضر فما استساغ أن كتابًا متداولًا بقدر كتاب المُزَني يطويه النسيان والهجر في دولة التقليد البغيض، لكن الحقيقة أن القيامة لم تقم ولكن المختصر قد هُجِر وجُفِي، والله المستعان على صروف الدهر وتقلُّب الأيام.
ومما يدلُّ على عظم قدر الكتاب كثرة عناية العلماء به، سواء كان ذلك رواية له ونقلًا، أو شرحًا له وتأليفًا حوله، أو نقدًا له وتعقبًا، وسنذكر نماذج من تلك الجهود في الفصول التالية.