الديانة لديه، وكونه غريبًا ليس من أهل البلد مع المطامع المادية، أنتج ما كان يحصل، من انشغال كثير من ولاة العثمانيين في مصر تلك الفترة بالنهب، والاختلاس بشتى السبل.
٣ - غلبة العناية بالمظاهر والألقاب، كما هو دَيْدَن الأتراك (١).
٤ - عمَّت تلك الفترة في مصر حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، نتيجة سرعة تغير الولاة، بسبب قتلهم أو استبدالهم، وبسبب الثورات المتكررة من الجند، الذين كان لهم نفوذ، وفيهم نفور غير هادي.
فمثلًا: في سنة (٩٩٧ هـ) عصى الجنود الوالي أوريس باشا ونهبوا بيته، وذبحوا أحد أمرائه, وقتلوا قاضيين من القضاة، ثم عمدوا إلى الحوانيت فنهبوها؛ حتى إنهم قبضوا على أولاد الوالي رهنًا لما يريدون، فاستقال الوالي سنة (٩٩٩ هـ)، وفي عام (١٠٠٦ هـ) قامت ثورة عسكرية في سائر أرجاء مصر، لم يتمكن معها الوالي محمد باشا من حماية نفسه -فضلًا عن غيره- حيث حاصروه في القلعة حتى تمكنوا منه وقتلوه وعلقوا رأسه على باب زويلة، وأثخنوا في الناس قتلًا ونهبًا، وفي رمضان سنة (١٠٠٩ هـ) سار العسكر مع قاضيهم إلى ديوان الحاكم التركي خضر باشا؛ بسبب عسفه لهم، وحاصروه حتى سلَّم بما يطلبون، وجاء بعده الوزير علي باشا السلحدار الذي كان سفَّاكًا للدماء، ووافق ذلك جوع عظيم، وخراب، ورعب في البلد، وفي سنة (١٠١٣ هـ) تمردت الجند على إبراهيم باشا، وقطعوا رأسه، وعلقوه على باب زويلة.
وفي حدود سنة (١٠٤٧ هـ) كان الوالي حسين باشا الذي جاء بعصابة من الدروز، فساموا المصريين الويل؛ من النهب، والظلم، حتى إنه أبطل الميراث،