وجعل نفسه وارثًا لكل ميت. وخلفه محمد باشا الذي لم يكن يختلف عنه في النهب، وفي أوائل شعبان سنة (١٠٥٢ هـ) ظهر وجاء شديد عامٌّ، كانت الوفيات فيه واحدًا من ثمانية، واستمر ستة أشهر، حتى صاروا يدفنون الموتى بلا صلاة، ومن سنة (١٠٥٨ - ١٠٦١ هـ) تولى الوزير أحمد باشا على مصر، وكانت مدة اضطراب وقلاقل وغلاء، وعلى الأعم الأغلب كان الباشوات العثمانيون يأتون من تركيا ولا هَمَّ لهم في مصالح البلد وأهله، وتحول الأمر في الآخر من أيديهم إلى أيدي البكوات المماليك.
ولم يكن الناس بمعزل عن هذا بالطبع، فكانت تمر بالبلد فترات من المجاعة، أو الأوبئة، أو الخوف، أو الغلاء، هم ضحيتها.
٥ - حماية الدولة العثمانية في مصر بعض المظاهر الدينية المزعومة؛ من الأضرحة، والمحدثات في الدين من البدع، والشركيات باسم الدين، وكان الولاة في مصر يحرصون على ذلك في الغالب، ويعدُّونه من المناقب الدينية التي يتعبدون بها، ويطلبون الحظوة بها عند الناس وهذا -بلا شك- له تأثير كبير في فساد الاعتقاد، وشيوع البدع وقبولها لدى العامة حيث ينشأ الصغير ويكبر عليها.
٦ - ضعف الصلة بين العلماء والولاة، وقلة أثر العلماء في الحياة السياسية، ويظهر هذا جليًا في تلك الحوادث والقلاقل التي لم يكن لهم فيها كلمة تذكر، بل شأنهم شأن العامة فيها (١).
هذه هي الحالة السياسية والاجتماعية في الفترة التي عاش فيها المؤلف -رحمه اللَّه-.
(١) انظر: تاريخ مصر الحديث (٢/ ٢٣ - ٤٣)، أوضح الإشارات فيمن ولي مصر والقاهرة من الوزراء والباشات ص (١٥٦ - ١٧٨).