للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقال الشيخ عبد اللَّه بن جاسر في منسكه -مفيد الأنام- (١/ ٨٨، ٩٠)، بعد نقله كلام الخلوتي وعثمان ما نصه: "قد اختلف كلام الأصحاب في هذه المسألة اختلافًا واضحًا، ولم يأت أحد منهم بما يزيل الإشكال، فاستعنت اللَّه -جل وعلا-، وأمعنت النظر في المسألة، فظهر لي الصواب بتوفيق اللَّه الملك الوهاب، فأقول -وباللَّه التوفيق-: المتمتع إذا أحرم من الميقات بعمرة متمتعًا بها إلى الحج له حالتان: حالة ساق فيها الهدي، وحالة أخرى لم يسق فيها هديًا، فالحالة التي ساق الهدي فيها إذا طاف لعمرته وسعى ثبث على إحرامه، لسَوقه الهدي، ولزمه إدخال الحج على العمرة لسَوقه الهدي، ويثبت على إحرامه حتى يحل منهما جميعًا، وهذه الحالة يكون فيها متمتعًا لا قارنًا، وإن لم نقل بأنه متمتع لزم منه أن من ساق الهدي لا يكون متمتعًا أصلًا.
وأما الحالة التي لم يسُق فيها هديًا فإذا طاف لعمرته وسعى حلق أو قصر وحل من عمرته، ثم أحرم بالحج، لكن في هذه الحالة إذا أدخل الحج على العمرة باختياره أو اضطراره فيما إذا ضاق الوقت، وخشي فوات الحج، أو خشيت حائض ونحوها، وكان ذلك الإدخال قبل الشروع في طواف العمرة، صح الإدخال المذكور، وكان قارنًا، وحينذٍ يطوف بالبيت للقدوم إن أمكنه كسائر القارنين، فإذا كان قد شرع في طواف العمرة لم يصح إدخال الحج عليها، ولزمه التحلل من العمرة؛ لأنه قد شرع في التحلل بالشروع في طواف العمرة.
وأما القارن فله حالتان أيضًا: حالة ساق الهدي فيها، وحالة لم يسُق فيها هديًا:
فالحالة التي ساق الهدي فيها يثبت على إحرامه بعد طواف القدوم والسعي بعده إن لم يؤخر السعي إلى أن يطوف للإفاضة، ولا يحل في هذه الحالة إلا يوم النحر.
وأما الحالة التي لم يسُق فيها هديًا فالسنة أن يفسخ نِيته بالحج وينويه عمرة، ويتحلل منها، سواء كان الفسخ بعد الطواف والسعي أو قبلهما، وإن لم ينوِ فسخ الحج إلى العمرة فإنه يثبت على إحرامه، ولا يحل من حجه وعمرته إلا يوم النحر، وقد نص الإمام أحمد -رحمه اللَّه- أن عمل القارن كعمل المفرد، وأنه يسقط ترتيب العمرة عن القارن، ويصير الترتيب للحج.
إذا تقرر هذا، فالفرق بين حالة القارن التي ساق الهدي فيها، وحالة المتمتع التي ساق الهدي فيها أيضًا أن المتمتع إذا طاف بالبيت، يطوف طواف العمرة الذي هو ركن، وأما القارن فإنه يطوف طواف القدوم الذي هو نفل، ولا يطوف للعمرة؛ لأن طواف العمرة =

<<  <  ج: ص:  >  >>