أحدهما: ما يمتنع من صغار السباع، إما بفضل قوّته كالإبل والخيل والبغال والحمير، أو بشدة عَدْوه كالأرانب والظباء المملوكة، أو لطيرانه كالحمام، فينظر .. إن وجدت في مفازة .. فللحاكم ومنصوبه أخذها للحفظ، وفي آحاد الناس وجهان: أحدهما - أن لهم الأخذ للحفظ أيضًا؛ كيلا يأخذها خائن فيضيعها، والثاني - المنع، إذ لا ولاية للآحاد على مال الغير، وهذا أصح عند صاحب «التهذيب»، والأول أصح عند الشيخ أبي حامد والمتولي وغيرهما، ويحكى عن رواية الربيع عن النص، وأما أخذها للتملك .. فهو غير جائز قطعًا، وإن وجدت في بلدة أو قرية أو موضع قريب منها .. فوجهان أو قولان: أحدهما - لا يجوز التقاطها للتملك؛ كما لو وجدت في المفازة، وأصحهما وبه قال أبو إسحاق - يجوز؛ لأنها في العمران تضيع بامتداد اليد الخائنة، بخلاف المفازة، فإن طروق الناس بها لا تعم، ولأنها لا تجد ما يكفيها، ولأن البهائم في العمران لا تهمل، وفي الصحراء قد تسرح وتهمل. النوع الثاني: ما لا يمتنع من صغار السباع كالكسير والغنم والعجاجيل والفصلان، فيجوز أخذها للتملك، سواء وجدت في المفازة أو العمران على الصحيح؛ لأنها لو لم تؤخذ لضاعت بتناوش السباع، أو باحتيال بعض الخائنين، ثم إن وجد شيئًا منها في المفازة فهو بالخيار بين أن يمسكها ويعرفها ويتملكها، وبين أن يبيعها ويحفظ ثمنها ويُعرِّفها ثم يتملك ثمنها، وبين أن يأكلها إن كانت مأكولة ويغرم قيمتها، ثم الخصلة الأولى أولى من الثانية، والثانية أولى من الثالثة، وإن وجدها في العمران .. فله الإمساك والتعريف والتملك، وله البيع والتعريف وتملك الثمن، وفي الأكل قولان: أحدهما - الجواز، وبه قال الشيخ أبو حامد؛ كما في الصحراء، وأظهرهما عند الأكثرين - المنع؛ لأن البيع في العمران سهل، وفي الصحراء قد لا يجد من يشتريها، ويشق نقلها إلى العمران. (٢) ووجهه أن يردها إلى الحاكم ليحفظها، فيبرأ على أصح الوجهين. انظر: «العزيز» (١٠/ ٤٣٢) و «الروضة» (٥/ ٤٠٣).