للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مالًا كان له، وإنْ كان في اليومِ الذي للسَّيِّدِ .. أخَذَها منه؛ لأنَّ كَسْبَه فيه لسَيِّدِه.

(١٧٥٢) قال: ويُفْتَى (١) الملْتَقِطُ إذا اعْتَرَفَ الرجلُ العِفاصَ والوِكاءَ والعَدَدَ والوَزْنَ ووَقَعَ في نَفْسِه أنّه صادقٌ أن يُعْطِيَه، ولا أجْبِرُه عليه إلّا ببَيِّنَةٍ؛ لأنّه قد يُصِيبُ الصِّفَةَ بأن يَسْمَعَ الملْتَقِطَ يَصِفُها، ومعنى قولِه -صلى الله عليه وسلم-: «اعْرِفْ عِفاصَها ووِكاءَها» والله أعلم .. لأنْ يُؤَدِّيَ عِفاصَها ووِكاءَها معها، وليَعْلَمَ إذا وَضَعَها في مالِه أنّها لُقَطَةٌ، وقد يَكُونُ ليَسْتَدِلَّ على صِدْقِ المعْتَرِفِ، أرأيتَ لو وَصَفَها عشرةٌ أيُعْطَوْنَها؟ نحنُ نَعْلَمُ أنّ كُلَّهُم كاذبٌ، إلّا واحدًا بغيرِ عَيْنِه يُمْكِنُ أن يَكُونَ صادقًا.

(١٧٥٣) وإنْ كانت اللُّقَطَةُ طعامًا رَطْبًا لا يَبْقَى .. فله أن يَأكُلَه إذا خاف فَسادَه، ويَغْرَمُه لرَبِّه.

وقال فيما وَضَعَه بخَطِّه لا أعْلَمُه سُمِعَ منه: «إذا خافَ فَسادَه أحْبَبْتُ أن يَبِيعَه ويُقِيمَ على تَعْرِيفِه»، قال المزني: قلت أنا (٢): هذا أوْلى القولَيْن به؛ لأنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لم يَقُلْ للمُلْتَقِطِ: «شأنَكَ بها» إلّا بعد سنةٍ، إلّا أن يَكُونَ في موضعِ مَهْلَكَةٍ كالشاةِ فيَكُونُ له أكْلُه، ويَغْرَمُه إذا جاء صاحبُه (٣).


(١) كذا في ز ب س، ويبدو أنه كذلك كان في أصل ظ ثم حول إلى «يكفي».
(٢) «قلت أنا» من ب.
(٣) المزني خرج المسألة على قولين، وتبعه في ذلك أبو إسحاق المروزي، وأبو علي بن أبي هريرة، وطائفة من أصحابنا، ومنهم من حمله على اختلاف حالين، فقيل: إن كان الحاكم موجودًا يقدر على بيعه لم يكن لواجده أكله، وإن كان معدومًا جاز أكله، وكان أبو القاسم الصَّيْمري يقول: اختلاف حاليه في إباحة أكله معتبر بحال واجده، فإن كان فقيرًا محتاجًا استباح أكله، وإن كان غنيًّا لم يستبحه، ونقل الرافعي عن عامة الأصحاب أن القولين على التخيير. انظر: «الحاوي» (٨/ ٢٥) و «العزيز» (١٠/ ٤٥٩) و «الروضة» (٥/ ٤١١).