للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(١٨٢٣) قال الشافعي فيما يُرْوَى عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ قولِه: «ما حَقُّ امرئٍ … »: يحتمل .. ما الحَزْمُ لامْرِئٍ (١) أن يَبِيتَ ليلَتَيْن إلّا ووَصِيَّتُه مَكْتُوبَةٌ عنده، ويحتمل .. ما المعْرُوفُ في الأخْلاقِ إلّا هذا، لا مِنْ وَجْهِ الفَرْضِ (٢).

(١٨٢٤) قال الشافعي: وإذا أوْصَى بمِثْلِ نصيبِ ابْنِه، لا ابنَ له غيرُه .. فله النِّصْفُ، فإن لم يُجِز الابنُ .. فله الثلثُ، ولو قال: بمِثْلِ نصيبِ أحَدِ وَلَدِي .. فله مع الابْنَيْن الثلثُ، ومع الثلاثةِ الرُّبُعُ، حتّى يَكُونَ كأحَدِهم، ولو كان وَلَدُه رجالًا ونساءً .. أعْطَيْتُه نصيبَ امرأةٍ، ولو كانتْ له ابْنَةٌ وابْنَةُ ابنٍ .. أعْطَيْتُه سُدُسًا (٣)، ولو قال: بمِثْلِ نصيبِ أحَدِ وَرَثَتِي .. أعْطَيْتُه مِثْلَ أقَلِّهِم نَصِيبًا.

(١٨٢٥) ولو قال: ضِعْفَ ما يُصِيبُ أحَدَ وَلَدِي .. أعْطَيْتُه مِثْلَه مرَّتَيْن، وإنْ قال: ضِعْفَيْن .. فإنْ كان نَصِيبُه مائةً أعْطَيْتُه ثَلاثَمائةٍ، فأكُونُ


(١) زاد في ظ كلمة «مسلم» هنا وفي الحديث قبله.
(٢) يشير الشافعي -رحمه الله- إلى أن الوصية ليست بواجبة، و «الوصية»: مأخوذة من «وَصَيْتُ الشيء أَصِيه»: إذا وصلته، وسُمِّيت الوصية وصية؛ لأن الميت لما أوصى بها وصل ما كان فيه من أمر حياته بما بعده من أمر مماته، يقال: «وَصَى وأَوْصى» بمعنًى واحد، قال ذو الرمه:
نَصِي الليلَ بالأيّام حتى صَلاتُنا … مُقاسَمةٌ يَشتَقُّ أنصافَها السَّفْرُ
أي: نَصِل الليل بالأيام، والاسم: «الوصية، والوَصاة»، وأما قولهم: «استوصى فلان بأمر فلان» فمعناه: أنه قام بأمره متبرعًا دون أن أوصى بما قام به. «الزاهر» (ص: ٣٧٢).
(٣) قال إمام الحرمين في «النهاية» (١٠/ ٢٢): «ظاهر هذا أنه يفوز بالسدس، ثم خمسة الأسداس تقسم على فرائض الله تعالى، ولو كان كذلك، لكان نصيب بنت الابن أقلَّ من مال الوصية على القاعدة التي ذكرها الموصِي؛ فإنه جعل مال الوصية مثلَ نصيب من شبهت الوصية بنصيبه، وهذا لو قيل به يفسد قياس الباب بالكلية، وقد نص الشافعي في سياق هذا الكلام على أن الوصية تدخل على فريضة الميراث وتتضمن إدخال النقص على حصص أصناف الورثة، فالسدس الذي أطلقه أراد به سدسًا عائلًا».